رعى العلامة السيد علي فضل الله حفل الإفطار، الذي نظمه “مجلس أصدقاء مبرة الخوئي”، في دوحة عرمون، بحضور فاعليات دينية واقتصادية وثقافية واجتماعية وتربوية وبلدية دخلت على وقع عزف الفرقة الموسيقية لكشافة المبرات الخيرية. بعد آيات من الذكر الحكيم والنشيد الوطني، قدم أبناء المبرة مسرحية وباقة من الأناشيد من وحي المناسبة، تلتها كلمة مجلس أصدقاء “مبرة الإمام الخوئي” ألقاها عباس رمال، ثم قصيدة شعرية للشاعر نديم شعيب. بعد ذلك ألقى مدير مجمع دوحة المبرات التربوي الرعائي كلمة مصورة استعرض فيها المشاريع التي تم دعمها من قبل مجلس أصدقاء المبرة، مركّزاً على مشروع الطاقة الشمسية الذي ساهم في ترشيد الإنفاق بشكل كبير في المبرة، شاكراً كل المساهمين الذين دعموا المشروع. فضل الله بعد ذلك، ألقى العلامة فضل الله كلمة شكر فيها “مجلس أصدقاء المبرة تنظيم هذا اللقاء السنوي”، وقال: “نلتقي مجددا في رحاب هذا الصرح الإنساني والرعائي والتربوي وفي هذا الشهر المبارك لننعم بكل ما أودع الله فيه من بركات ورحمة وغفران ومحبة وتسامح ترتقي بها نفوسنا وعقولنا في علاقتنا مع أنفسنا ومجتمعنا، ونكون على الصورة التي أرادها الله للإنسان”. أضاف: “هذا الشهر يمثل امتحانا لن نجتازه بنجاح، إلا إذا جسدنا التعاليم الإيمانية والمفاهيم الأخلاقية والإنسانية في واقعنا وتطلعاتنا”. وتابع: “إن مشكلتنا في هذا الوطن أننا حتى في العطاء نميز بين هذا من طائفتي، وذلك من مذهبي، وآخر من خطي السياسي”. واعتبر أن “المطلوب أن تعم قيمة الخير على الجميع، بعيدا من انتماءاتهم”، وقال: “للأسف، أدخلنا هذه القيمة في لعبة المصالح والمنافع”. أضاف: “إن الإنسانية لا يمكن أن نخضعها لهذا المنطق الضيق ونحاصرها في أطر محددة ونحبسها في جدران التعصب الطائفي والمذهبي والسياسي، بدلا من أن نطلقها في الهواء الطلق، وتكون مساحة للخير والمحبة على الجميع”. وتابع: “إن مسؤولية من يلتزمون تعاليم الأديان والرسالات أن يعيشوا الوحدة الإيمانية وأفق الرسالات السماوية لأننا بغير الروح الوحدوية الجامعة لن نستطيع أن نقرب بين أتباع الأديان. وبالتالي، لن نستطيع أن نبني وطنا جامعا عزيزا حرا، وإلا فالبديل مشاريع التجزئة والفدرلة والتقسيم والتعصب”. وأردف: “عندما نعيش الحال الإنسانية الحقيقة البعيدة من الذات والمصالح الخاصة، نستطيع أن نخرج هذا الوطن من أزماته التي وصل إليها”. وقال: “يجب أن نعيش المحبة واقعا، ونمارس التسامح فعلا، لا سيما في علاقات أهل الإيمان ببعضهم سواء أكانوا من أديان متعددة أم من دين واحد، فالتنوع الإيماني يغني الطائفة، ومن المؤلم أننا لم نعد نتحمل اختلافا في الرأي لا داخل أدياننا ولا على مستوى الوطن حتى أصبح مجرد التفكير والتضامن الإنساني مع أخي المؤمن أو مع الشريك في الوطن أمرا مرفوضا ومحاربا”. أضاف: “قيمة هذا الشهر انه يوقظ فينا هذا الحس الإيماني والإنساني، ويخرجنا من أنانياتنا وعصبياتنا التي تقتلنا كل يوم وتدمر واقعنا ومجتمعنا، فمشكلة هذا الوطن وهذا العالم أنه يخضع لمنطق الأنانية والسيطرة والمصالح”. وأكد “ضرورة التضامن الداخلي حتى نستطيع أن نقف في وجه كل التحديات الداخلية والخارجية ونتصدى لكل من يحاول ان يعمل على زرع النعرات والمخاوف ويصطنع الهواجس بين أبناء هذا الوطن”، داعيا إلى “فتح باب الحوار، بدلا مما نشهده على مواقع التواصل من لغة السباب والشتائم والتخوين والاتهامات التي تزيد من حال الانقسام ولا يستفيد منها إلا أعداء هذا البلد”. ودعا إلى “أن يعم السلام والمحبة هذا العالم، وأن تعود إليه الإنسانية التي فقدها من خلال سكوته أو عدم إدانته لما يتعرض له إنسان غزة من حصار وقتل وتجويع”. وتوجه إلى الحضور قائلا: “إن وجودكم المتنوع في هذا الصرح الإنساني وتلبيتكم لهذه الدعوة خير دليل على أن إرادة الخير في هذا البلد هي التي ستنتصر على دعاة الطائفية والمذهبية والتقسيم”. أضاف: “كل موقع للخير يمثلنا، وإذا كان من تعصب فنحن نتعصب للخير لا للمؤسسة”. وهنأ الجميع بهذا الشهر، متمنيا “أن يكون شهرا للوحدة والتكامل والتعاون من أجل إنسان هذا الوطن ومستقبله ومن أجل عالم تحكمه الإنسانية ويسوده العدل والحرية”.