Site icon جمعية المبرّات الخيرية

لين كركي… الأولى على لبنان في فرع الاجتماع والاقتصاد: “نجاحي وُلد من رحم المعاناة”

في لحظةٍ نادرة، تتجلّى فيها المشاعر وتختلط فيها الدهشة بالفرح، وقفت الطالبة لين كركي، طالبة من ثانوية الرحمة التابعة لمؤسسة المبرّات، على عتبة إنجازٍ عظيم لطالما حلمت به. فبعد عامٍ دراسي حافل بالتحديات والتهجير والتنقّل القسري، استطاعت أن تحقّق المرتبة الأولى على مستوى لبنان في فرع الاجتماع والاقتصاد، بمعدل مشرّف بلغ 18.9، مؤكدة أن الإصرار والإيمان بالنفس قادران على صنع المستحيل.
تقول لين، وملامح الفخر تسبق كلماتها “:الشعور لا يمكن وصفه. هو مزيج من الفرح، الدهشة، والراحة، عندما علمت أنني حصلت على المرتبة الأولى، شعرت وكأن كل المشاعر انفجرت داخلي، كنت أردد في داخلي: هل يعقل أنني فعلًا وصلت إلى هنا؟”
لكن هذا الإنجاز لم يكن وليد الصدفة، بل ثمرة تصميمٍ واضح منذ اليوم الأول في الصف النهائي. وتوضح لين:
“منذ بداية العام الدراسي، وضعت هدفًا واضحًا أمامي: أن أكون من الأوائل، هذا الحلم لم يفارقني، وكان دافعًا أساسيًا لي للدراسة والمثابرة، رغم كل الظروف التي واجهتنا.”
لم تسر الأمور بسلاسة، فسرعان ما تغيّرت معالم العام الدراسي مع تصاعد التوترات الأمنية، ما أجبر لين وعائلتها على النزوح من منطقتهم إلى الجبل، ثم إلى الشمال، وتحديدًا إلى منطقة “المنية”، هناك، تابعت دراستها وسط ظروف صعبة للغاية، متنقلة بين التعلم عن بُعد مع مدرستها الأم “ثانوية الرحمة”، والدراسة الحضورية في “مدرسة المنية الإسلامية”.
“كانت تجربة جديدة وصعبة، كنت خائفة من التغيير، خاصة في ظل هذه الظروف، لكن إدارة المدرسة الجديدة والمعلمين كانوا متفهمين وداعمين إلى أبعد حد، واحتضنوني كأنني من طلابهم منذ البداية” تقول لين.
ورغم هذه الصعوبات، لم تتوقف لين عن السعي، بل سعت للاستفادة من كل الموارد المتاحة، وكان لمنصة “شاطر” التعليمية دور مهم في دعمها خلال فترة التحضير للامتحانات.
تضيف: “منصة شاطر كانت إلى جانبنا طوال الوقت، خصوصًا في حل النماذج والاستعداد للامتحانات الرسمية. أعتقد أن كل طالب شهادات استفاد منها بشكل أو بآخر.”
وتؤمن لين أن النجاح لا يُصنع بمفرده، بل هو نتاج بيئة حاضنة ومُحفّزة، ولهذا لم تنسَ أن تتوجه بالشكر إلى كل من دعمها في رحلتها التعليمية، قائلة: “أتوجه بالشكر العميق إلى ثانوية الرحمة، والأستاذة سلاف هاشم، التي كانت سندًا لي في أصعب اللحظات. كما أوجّه تحية لكل المعلّمين الذين رافقوني منذ بداياتي، من الروضة وحتى الترمينال. هذا النجاح هو ثمرة تعبهم وتفانيهم.”
وعن طموحها الجامعي، تؤكد لين أنها تنوي دخول كلية إدارة الأعمال، مع تركيز على تخصص التمويل (Finance)، مشيرة إلى أهمية هذا المجال في واقعنا الحالي فتقول: “مجتمعاتنا اليوم بحاجة إلى تسليط الضوء على التخصصات الاقتصادية والمالية، لأنها تلعب دورًا أساسيًا في نهضة الأوطان، نحن بحاجة إلى بناء اقتصاد قوي، وتحقيق تنمية حقيقية.”

وفي ختام حديثها، توجهت لين برسالة صادقة إلى طلاب الشهادات في السنوات القادمة، فقالت: “ضعوا هدفكم منذ البداية، وآمنوا بأنكم قادرون على الوصول إليه، لا تسمحوا للظروف بأن تُضعفكم، فكل تحدٍّ هو فرصة لإثبات قوتكم، نحن نستطيع، وسنظل قادرين مهما كانت العقبات.”
إن تجربة لين كركي ليست مجرد قصة تفوق أكاديمي، بل هي شهادة حية على أن الإرادة تصنع الطريق، وأن النور قد يولد من قلب العتمة، حين نتمسك بالأمل، ونجعل من الحلم واقعًا.

موقع طلاب لبنان

Exit mobile version