رعى رئيس جمعية المبرات الخيرية العلامة السيد علي فضل الله حفل الافطار الذي أقامته جمعية المبرات في ثانوية الرحمة في كفرجوز، في حضور ممثل رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري النائب هاني قبيسي، النائب ياسين جابر، ممثل النائب محمد رعد علي قانصو، المستشار الثقافي في السفارة الايرانية في بيروت محمد شريعة مدار، رئيس المجلس الاعلى للجمارك العميد أسعد طفيلي، ممثل حركة الجهاد الاسلامي في لبنان إحسان عطايا، المسؤول التنظيمي لحركة أمل في اقليم الجنوب باسم لمع، نائب رئيس الاتحاد العمالي العام في لبنان حسن فقيه، رؤساء بلديات ومخاتير وفاعليات .
والقى مدير العلاقات العامة في جمعية المبرات جعفر عقيل كلمة تحدث فيها عن انجازات الجمعية على كافة الصعد، والقى السيد فضل الله كلمة قال فيها: “أهم ما ننعم به في شهر رمضان المبارك، هو هذه اللقاءات، حين نجتمع بكل تنوعاتنا، أديانا ومذاهب ومواقع سياسية واجتماعية، لنلتقي على الهدف الذي لأجله أرسل الله الأنبياء والرسل ،من الطبيعي أن يحصل ذلك في شهر عنوانه شهر الله، فلا يمكن لشهر الله أن لا يكون شهر التواصل واللقاء على خير الإنسان والحياة، وهو سبحانه وتعالى قال لنا: {وتعاونوا على الْبر والتقْوى ولا تعاونوا على الْإثْم والْعدْوان}..هو منْ جعل منْ أولى مسؤوليات الإنسان، حتى يكون قريبا منه، أنْ يكون في عون أخيه الإنسان، فـ”الخلق كلهم عيال الله وأحبهم إليه أنفعهم لعياله.. ومنْ أدخل على أهل بيتٍ سرورا”.. فالإنسان لا يحقق معنى العبادة حتى يصبح ساعيا في حوائج الناس.. وخير الناس عنده منْ نفع الناس. ففي حسابات الله، لا موقع للأنانيين الذين يستغرقون في ذواتهم، أو في الإطار الضيق الذي يعيشون همه، ولا للذين لا يشعرون بآلام الناس من حولهم، ولا للذين يجزئون إنسانيتهم، بحيث يستشعرون آلام منْ همْ منْ طوائفهم ومذاهبهم ومواقعهم، ومنْ همْ في بلدانهم، أو منْ مواقعهم السياسية والاجتماعية، ولا يستشعرون آلام منْ همْ منْ غير طوائفهم أو مذاهبهم أو مواقعهم السياسية، بلْ قدْ يقهرونهم.. أليس هذا ما نعيشه في واقعنا، عندما يرى أحدنا أن منْ حق أبناء طائفته أو أبناء مذهبه أو موقعه السياسي أنْ يتحقق لهم العيش الكريم والأمان، ولا يرى ذلك للآخرين، ولا يتحسس آلامهم، بحيث تتجزأ الإنسانية عنده”.
واضاف: “إن الذين ينتسبون إلى الله لا يمكن إلا أن يكونوا، كما هو الله مع خلقه، يعطي من دون حساب، ولا يميز بينهم، هو يعطي حتى الذين يجاهرونه بالعداوة ويعصونه. إننا، أيها الأحبة، لن نستطيع أن نبني مجتمعا أو وطنا متماسكا قويا، وفي أي إطار نعيش فيه، عائليا كان أو عشائريا، أو أن نؤمن له الحضور، إن لم نتحرر من أنانياتنا.. إن لم نخرج من متاهات مصالحنا الخاصة التي قد تكون شخصية أو طائفية.. إن لم نلتق من دون أية حواجز تصادر إنسانيتنا، وإن لم نتعاون من أجل إنساننا، كل إنساننا، ومن أجل الوطن، كل الوطن، ومن أجل أن يكون المستقبل للجميع”.
وتابع: “إن هذه المؤسسات شاهد على ما يمكن أن يفعله التلاقي على الخير للإنسان، فهي لم توجد إلا بتلاقي إرادات الخير، ولن تستطيع أن تتطور أو تستمر بأداء دورها إلا بهذا التلاقي.. ومن هنا، حرصت هذه المؤسسات منذ انطلقت وبالممارسة، على أن تظلل جميع تنوعات هذا الوطن، وأن يتظلل بها الجميع.. ونحن نعتز بأن من شارك في بناء هذه المؤسسات هو كل هذا التنوع، وسنحرص على أن نبقى عليه، وأن نبقى أوفياء لهذا التنوع ونحافظ عليه”.
وقال: “هناك شاهد آخر على ما قد يفعله تلاقي إرادات الخير، هو الزمن الذي نعيشه.. ففي الخامس والعشرين من شهر أيار، تحضر ذكرى التحرير التي تعيدنا إلى اليوم الذي يعد منعطفا في الصراع مع العدو الصهيوني، ونقلة نوعية لا نزال نحصد نتائجها الإيجابية، بعد أن جعلت هذا العدو يفكر طويلا قبل أن يقدم على فتح حربٍ، بعدما كان الدخول إلى لبنان نزهة. لقد شاهد العالم، وعلى الهواء، انهزام الجيش الذي قيل عنه إنه لا يقهر، وخروجه من لبنان في ليل أليل، وبسرعة متناهية، تاركا خلفه آلياته وعتاده، ليتخفف من حمل الهروب، متناسيا آلاف العملاء الذين تجمعوا على أسوار الشريط الشائك، مطالبين العدو بفتح الأبواب للنجاة بعمالتهم. هذا الانتصار، الذي تبعه انتصار تموز في العام 2006، ما كان ليحصل لولا تلاقي اللبنانيين بكل طوائفهم ومذاهبهم السياسية، وتكاتف جهودهم، بين من قاتل، ومن قدم المال. ومن مد يد دعم في السياسة، ومن دعا بالدعاء.. وحينها، تساقطت كل العناوين الطائفية أو المذهبية، وحتى السياسية، لتكون صوتا واحدا في مواجهة المحتل.. باستثناء البعض الذين كانوا على هامش الاحتلال ورحلوا معه، أو بقيت لهم بعض الآثار في ذهنيات سياسية متخاذلة.. فلم يكن هذا الانتصار إلا وليد تلك الوحدة الجامعة.. وهي التي هزمت العدو، وأكملت ما بدأته البندقية في عملية التطهير للأرض وتحصينها”.
واضاف: “في ذكرى الانتصار، نريد لقيمة هذا الانتصار أن تترسخ.. فلن نكتفي، كما يكتفي الكثيرون، بالزهو بهذا الانتصار، بل نريدها أن تكبر وتتعاظم وتتضخم، لا في النفوس فقط، بل في الأرض أيضا، هذه الأرض التي أنسنتها الدماء الغزيرة التي روتها، والتضحيات الكبرى التي زينتها.. أن نتثبت بهذه الأرض التي باتت موقع عزٍ وفخارٍ لنا، كما أنها موقع النصر”.
ولفت الى “إننا لن نستطيع أن نحفظ الانتصار إلا بالحفاظ على وحدتنا الداخلية التي يسعى من يسعى لهزها والعبث بها، ونحن أمام استحقاقات كبرى في المنطقة، والكل يتابع عرض القوة الأميركي – الإسرائيلي على أبواب المنطقة، وهذا التهديد والوعيد، في سعيٍ لاستثمار ما يراه العدو فرصته في إضعاف الجسم العربي والإسلامي، بعدما أكلت منه الفتن المذهبية والطائفية والسياسية ما أكلت.. والذي يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وكل من يقف في وجه المشروع الاستكباري في المنطقة”.
وقال: “إننا مدعوون إلى تثبيت وحدتنا في مواجهة زهو العدو ونزقه، والحذر والمضي بتحضير شروط المواجهة الناجحة للعدو الذي لا ينفك يواصل تهديداته ومناوراته، ويحاكي حربا جديدة، والوقوف في مواجهة التهديدات التي تأتي من وراء البحار”.
ودعا فضل الله الى “أن نقف معا لإعادة العافية إلى الساحة الداخلية بعد الانتخابات، حيث خرج الخطاب الانتخابي من عقاله، وترك آثاره السلبية، والعمل بكل الوسائل لمواجهة الفساد، لإشعار إنسان هذا البلد بأنه عزيز وكريم، وأنه يعيش في كنف دولة قوية وعادلة تعالج فيها مشاكل البطالة، وتتم فيها مواجهة المشاكل الاجتماعية الصعبة بعد كل هذا التراخي، وعلى مدى سنين، في وضع الإصبع على الجرح ومداواته، وفي تجاهل لمعالجة أبسط الملفات المتصلة بالكهرباء والنفايات وغيرها.
إن اللبنانيين ينتظرون، وبعد إنجاز استحقاق انتخاب رئاسة المجلس النيابي، الإسراع في إكمال الصورة في مجلس الوزراء، حتى تكتمل مؤسسات الدولة، لتواجه التحديات الخارجية التي تنعكس على الداخل اللبناني، وكل ما يجري في المحيط، والذي ينعكس على أجواء الداخل”.
ولفت الى اننا “ونحن على أعتاب الأربعين من عمر هذه المؤسسات التي انطلقت لتخفف من آلام مجتمعنا وجراحاته، نعيد التأكيد أن هذه المؤسسات لم تكن ولن تكون مؤسسات فرد ولا عائلة، وهي كانت وستبقى مؤسسات الأمة كلها.. إننا جميعا معنيون بالمسؤولية عن هذه المؤسسات، فهي تحتضن أيتام هذا المجتمع ومعوقيه ومسنيه ومرضاه، ومن يحتاج إلى من نمد له أيدينا، أن يشعر كل منا بالمسؤولية، وكل له دوره في ذلك، بالمال، بتقديم النصيحة والمشورة، بالنقد البناء، بمساعدتها على أداء دورها.. وفي الوقت نفسه، أن نقف في وجه من يثيرون الضوضاء والكلام غير المسؤول، مما لا ينطلق من أساس شرعيٍ أو قانونيٍ.. إننا لا ندعي أن هذه المؤسسات معصومة، وأن العاملين فيها لا يخطئون.. فهناك أخطاء، ولكننا حريصون على أن لا نغطي الأخطاء، وأن لا ندافع عنها، بل دائما نحن في ورشة إصلاح وإعادة نظر وتصويب مسار”.
وختم فضل الله: “إن خيارنا سيبقى أن نعلي البنيان، وأن نتعهده بما نملك من إمكانات، وأن لا ندير ظهرنا لكل ذلك، بما وفر الله لنا في قلوب الصادقين والمحبين من مساعدة ومواكبة، وسنواصل الطريق ونكمل المسيرة.. ودائما هدفنا هو الله، هو رضاه والعمل إلى ما دعانا إليه من خدمة عياله وناسه، كل ناسه”.