نظمت جامعة العلوم والآداب اللبنانية USAL حفل التخرج الأول لطلابها، في قرية الساحة التراثية، في حضور رئيس جمعية المبرات الخيرية العلامة السيد علي فضل الله، والمدير العام لجمعية المبرات الدكتور محمد باقر فضل الله، وممثلين عن جامعات وهيئات ومؤسسات تربوية، وممثلين عن هيئات سياسية ونقابية وبلدية ومؤسسات من المجتمع المدني، إلى جانب أعضاء مجلس أمناء الجامعة وأسرة الجامعة التعليمية والإدارية وأهالي المتخرجين والطلاب المحتفى بهم.
علي فضل الله
بداية، النشيد الوطني ودخول الطلاب المتخرجين وأعضاء مجلس الجامعة، فكلمة عريفة الحفل الدكتورة ليلى شمس الدين، ثم ألقى فضل الله كلمة جاء فيها: “إننا في جمعية المبرات الخيرية، نشعر باعتزاز كبير مع هذه الكوكبة الأولى من الخريجين من جامعتكم الكريمة، جامعة العلوم والآداب اللبنانية، والتي نريد لها أن تكون على مثال مؤسسات هذه الجمعية الممتدة في ربوع الوطن، والتي شكلت نموذجا تربويا وعلميا وأخلاقيا وإنسانيا متميزا في هذا البلد”.
وخاطب الخريجين مطالبا إياهم العمل وفق خلاصتين: “الخلاصة الأولى أن لا نتعامل مع أي نظرية في أي ميدان في العلوم الإنسانية، وحتى في العلوم البحتة، على أنها الحقيقة التامة، بل لا بد لنا من التسلح بالعقل النقدي في التعامل مع كل النظريات المطروحة. أما الخلاصة الثانية، فهي أن نكتشف في هذه النظريات الجانب العلمي الإنساني، لنعمل على الاستناد إليه وتطويره وفق ظروف مجتمعاتنا، وبما ينسجم مع قيمنا ومبادئنا، وهنا تأتي أهمية الثقة بالذات كعنصر ضروري لمعالجة الكثير من مشكلاتنا”.
وقال: “في وطننا، وفي غير وطننا، ترتكب الكثير من الجرائم والسرقات باسم العلم، فكم من دراسة قدمت لمشاريع كبرى أشيع بأنها علمية، ولكنها كانت تمرر من هذا الفريق السياسي أو ذاك، ويتم إسنادها إلى إحصاءات وأرقام، وهي في حقيقة الأمر مزيفة ومغشوشة، وجل منافعها تعود إلى أصحاب المصالح السياسية، ومن المؤلم أنه بات لكل فريق سياسي خبراؤه العلميون والفنيون، حتى صارت الأرقام وجهة نظر، ولم يعد الشعب قادرا على رؤية الواقع على صورته الحقيقية، فزادوا الناس حيرة وضياعا، ولم يعد أحد يستطيع أن يحاسب أحدا.. وتم حرمانهم من حق أساس لهم في معرفة الحقيقة ومحاسبة المسؤولين”.
وتابع: “أيها الأحبة، عندما تعيشون الانفتاح والحب لله، فلن تستطيع رياح العصبية أن تهزكم، طائفية كانت أم مذهبية، في بلد تفترس فيه لقمة عيش الناس، وتنتهك كرامتهم باسم الدين والطائفة أو المذهب.. فاحذروا أن تلوثوا عقولكم المشرقة الطاهرة بمثل هذه العصبيات التي ما صنعت إلا لتحقيق مآرب فئوية ولتكون ذريعة لارتكاب الموبقات، الموبقات في السياسة والاقتصاد والاجتماع، ولو كان ذلك على حساب تعطيل الدولة وبناء الوطن وتدمير القيم”.
وختم فضل الله قائلا: “نحن نودعكم اليوم، ندعو الله سبحانه وتعالى إلى أن يوفقكم في الدخول إلى سوق العمل، رغم صعوبة الأوضاع في البلاد، حيث لا دولة تخطط لمستقبل الخريجين، ولا استثمار لهذه الطاقات العلمية في النهوض بالوطن، فالدولة ينهشها صراع المواقع والمحسوبيات والمحاصصات، ونقول لكم: لا تدخلوا اليأس إلى عقولكم وقلوبكم، استثمروا أي فرصة للعمل، ولو كانت لا تلبي طموحاتكم، ابدأوا ولو بمشاريع صغيرة، استثمروا أوقاتكم في تطوير معارفكم، واعملوا على تنمية خبراتكم ورفع مستوى ثقافتكم”.
رئيس الجامعة
بعد ذلك ألقى محمد رضا فضل الله كلمة جاء فيها: “هدفنا الرئيس هو توفير تعليم جامعي بجودة عالية، في أجواء علمية معاصرة، وبحثية عميقة، وقيمية أصيلة، وفي ظل حياة طلابية جامعية قائمة على المحبة والحوار والمشاركة والحرية والمواطنية وقبول الآخر”.
وأضاف: “نحن على ثقة وبكل تواضع، أننا كنا المخلصين الأمناء في أدائنا الأكاديمي والمهاري والمهني والأبوي المخلصين لهم ولأهليهم ووطنهم والعالم، من خلال بناء كفاءات علمية نعتز بها ونفتخر، يرفد كل ذلك تربية قيمية تستمد عناصرها من تعاليم سماوية سامية”.
وقال: “إننا في جامعة العلوم والآداب اللبنانية عمداء وأساتذة واداريين وعاملين نعيش قلق التطوير والتغيير، فأمام كل استحقاق مصيري نتوقف طويلا، أمام النواتج دراسة وتحليلا ونقدا لتحديد نقاط الضعف ومواقع القوة، لمزيد من المعالجة والتعزيز، مع التركيز على المستوى الأكاديمي، والأداء المهاري والسلوك الإنساني وجميعها تمثل أساسيات راسخة في سياستنا منذ الانطلاقة”.
وتابع فضل الله: “منذ بدأنا العمل ولا نزال، ونحن نؤكد على التطوير، ونسعى للتوسع، فبعد أن نتمثل ما لدينا، ونحوله إلى واقع جيد، نسعى إلى إضافة اختصاصات جديدة، نعتبرها حاجة وفائدة، على هذا الأساس نحن اليوم في صدد اضافة اختصاص في العلوم الطبية، والحصول على اجازة العمل بشهادة الماجستير، وعلى تراكيز جديدة في الطفولة المبكرة والتربية الرياضية وغيرها”.
وختم مخاطبا الخريجين: “لتكن ثقتكم بأنفسكم وجامعتكم كبيرة، فأنتم تملكون الكفاءة العلمية والمهنية والقيمية التي من خلالها تستطيعون النجاح ومواجهة التحدي بكل أشكاله. إننا اليوم نودعكم في جو هو مزيج من الفرح والشعور بالوحشة، إنكم تغادرون مقاعد الدراسة لتنطلقوا إلى الحياة بما تملكون من معارف وملكات وقدرات، وبما تتمتعون به من قيم انسانية وسماوية سامية، لتواجهوا تحديات أسواق العمل، ولتنشروا قيم ما تربيتم عليه، ولتكونوا عناصر خير منتجة، يفتخر بكم الوطن وتعتز بكم الأمة. أنتم سفراؤنا إلى الكون والعالم”.
جبور
ثم ألقت رندلى جبور كلمة الهيئة التعليمية جاء فيها: “هذا المساء، تولدون من رحم هذه الأم الجامعة، لتكونوا جيل العلم الأول بها، أبكارا يسير بهديكم من سيلتحق بركبكم غدا وبعد غد، وتنطلقون إلى زمن لا توجد في آخره نقطة على السطر بل علامات تعجب وطموح وإبداع، هذا المساء، تكتب لكم حياة جديدة، ويكتب لنا نحن الهيئة التعليمية، أننا كتبنا معكم وبحب، تلك البداية. هذا المساء، نعود معكم بضع سنوات إلى الوراء حين كنتم طلاب علم فكانت جامعة العلوم والآداب اللبنانية، تلك الجامعة المؤنسنة، أكرم… أعطتكم العلم ولكن أيضا ألفباء خوض الحياة في مختلف المجالات، وأساتذة نخبويين أضاؤوا لكم الطريق والحياة!”
وأضافت: “هذا المساء ننحني أمام رئاسة الجامعة التي آمنت أنها رحم ولاد للمتفوقين والمبدعين ونفذت… ننحني أمام أساتذة متكرسين لبناء عالم أجمل وأرقى، ننحني أمام إداريين نظموا مسارنا لتكون ولادة أجيالنا سلسة، ننحني أمام كل من ساهم في وصولنا جميعا إلى لحظة الولادة تلك. هذا المساء ننحني أمامكم يا طلابنا الأعزاء، لتفانيكم وجهودكم التي أثمرت، ولن نقول لكم وداعا بل إلى اللقاءات الدائمة في ميادين الحياة. المهم أن لا تيأسوا يوما بل أقدموا فالمستقبل لكم. المهم أن لا تتكاسلوا فالغد يعشق من يصقلوا معارفهم باستمرار. المهم أن لا تدخلوا إلى عالم المهنة إلا لتضيفوا عليه شغفا واندفاعا وإرادة صلبة لا تلين! هيا احملوا زادكم الذي زودتكم به جامعتكم المتميزة وانطلقوا، ونحن إلى جانبكم أينما كنتم وهذا وعدنا لكم… والسلام”.
بدوره الطالب داود عبدالله ألقى كلمة المتخرجين، ليختتم الحفل بتوزيع الشهادات والدروع على الطلاب المحتفى بهم.