Site icon جمعية المبرّات الخيرية

جورج خباز:المسرح هو الخلاص، هو عرس يومي مشهدي

تتزامن بساطة الفكرة مع عقدتها لتتميز بالضحكة الكوميدية مع دمعة مبطنة الإيحاء، فتشكّل للفنان المسرحي اللبناني “جورج خباز” مسرحيات ومسرحيات.
هو عَاشَر الناس وأخذ منهم هواجسهم ولغتهم وترجمها على المسرح من خلال كتابته ونقله الواقع بطريقة مبسطة وساخرة. وبات الناس يذهبون إلى المسرح ليشاهدوا مقاطع حياتية تشبههم، فحياة كل امرئٍ مسرحية بأبطال من الأقربين وربما الأبعدين.

أقام طلاب كلية الإعلام في جامعة العلوم والآداب اللبنانية لقاء وحوارًا بعنوان “المسرح مرآة المجتمع”، عصر أمس الجمعة 20 أيار/ مايو في قاعة الجامعة طريق المطار- بيروت.

بدأ اللقاء بالنشيد الوطني اللبناني، تبعه عرض مسرحي قصير من تمثيل الطالب محمد الخشن والطالبة بتول شيت، لمشهد مأخوذ من مسرحية “هلق وقتا”. وهي من تأليف وإخراج جورج خباز، التي تدور أحداثها في قلعة ببلاد “مهب الريح” التي تقع على تماس مع الأعداء المجهولين “العام 1900 ونِتفه”.

ثم خَفتت الأضواء وأضاءت الشاشة لعرض تقرير مصوّر عن جورج خبّاز بعنوان “علامة فارقة” عرضته قناة الميادين مؤخراً ضمن لقاء مع خبّاز في برنامج “بيت القصيد” . وسلط التقرير الضوء على شخصيته، وفيه أكّد أن الوجع الأكبر الذي نعانيه كشرقيين يجعل في داخله ألـمًا استطاع من خلال الموهبة أن يحولّه إلى مشهدية معيّنة. وتناول التقرير مشاهد من مسرحياته التي بحسب رأيه تتوجه إلى المستويات العمرية والفكرية كافة، فالمسرح مفتوح للكل، “ممنوع نمنع حدا يفوت عليه”.

بعد ذلك برزت مجموعة آراء تعارض ما يقوم به جورج خبّاز، فقد قامت الطالبتان نور فرج وملاك عبود بتحقيق مصغّر عن وضع المسرح الحالي ونوعيّة المسرحيات. وفيه رأى بعض طلاب كلية الفنون من خلال دراستهم للمواد المتعلّقة بالموضوع  أن مادة الثقافة في المسرح اللبناني غير موجودة، ولا يقصده إلا من أراد الضحك وسماع النكات، فلا حماسة موجودة عند الناس لمشاهدة المسرحيات، والفرد منهم متى خرج من مسرحية لجورج خبّاز،  وجد أنه لم يكتسب شيئًا جديداً، فالمادة لم تحفّزه لحك دماغه بطريقة معينة، لأن رسالتها بسيطة لا تبتتغي سوى الضحك.

وكان للممثل “غبريال يمين” رأي في هذا الموضوع حيث قال “فِكِرتو لجورج إلو، مش معناها هي رسالة” أي أن أفكاره خاصة به وليس من الضرورة تعميمها لتكون رسالة، فالمسرح لا يحتاج إنسانًا عاديًّا بل يجب أن يكون مميزًا بحواسه ورؤيته، والممثل يشبه الطير المحلّق حسب رأي الممثل المسرحي “زياد حواط”.

بعد ذلك كان حوار بين الطالبين “حسن مدلج” و”دينا مشيك” مع خبّاز، الذي رأى أن المسرح هو مرآة المجتمع، وليس بالضرورة أن تكون القصة حدثت في الواقع. لكن الشخصيات ببعدها النفسي تحاكي الرسالة، والآفة التي شكلت خطرًا على المجتمع. واعتبر نفسه ابن الناس أي ابن الحياة، والثقافة ليست حكرًا على أحد، فهو شخصية متعددة الجوانب بين أستاذ جامعي ومخرج وممثل. وهذا ما أكسبه تعاملًا مع أساتذة وطلاب وسائقي تاكسي، فأخذ منهم هواجسهم وترجمها على المسرح وبين الجمهور اللبناني. باعتبار أن خشبة المسرح مرآة صادقة وناصعة ومنبره تواصلي وتفاعلي عاكس لمشاكل الناس.

وكان له حديث عن قدوته في العمل المسرحي تشارلي شبلن، الذي تابعه مطولاً أثناء فترة مرضه التي أرغتمه على الجلوس في البيت لمدة ستة أشهر. فحفظ مشهدياته الصامتة، واعتبرها الأصعب لأن الرسالة السامية تبقى في ذهن الناس إذا ظهرت بالشكل الصحيح. بالإضافة إلى الممثل دريد لحام، وزياد الرحباني، وشوشو وآخرين.

وأكدَ خبّاز أن الكوميديا هي خليط لقضايا اجتماعية واقتصادية وسياسية ووطنية، جعلت له شخصية خاصة، حتّى تمّ له ما أصبح يعرف بمسرح جورج خباز. وهو يمزج بين الموسيقى والتمثيل لكونهما مترابطين بشكل أساسي، فالمسرح موسيقى بالمعنى العلمي.

أما عن حقوق المسرح اللبناني، فاعتبر أن المسرح مُهمَل، فلا حقوق تعطى له من قِبل دولة متفككة منذ حوالي أربعين أو خمسين سنة. والمسرح اللبناني لا يحاكي بأكمله المجتمع للأسف، فالبعض يهتم بالغرائز السياسية والجنسية. وختم حديثه قائلاً :”أطمح للمسرح اللبناني بالاستقرار، حيث أنه قد ثبّت رجليه خلال الثماني سنوات التي مرت، أطمح أن يكبر هذا المسرح من حيث الإنتاج، ومن حيث الرقعة”. متمنيًا أن تُعطى أهمية لمادة الفنون في المدارس كافة ليفهم التلميذ منذ صغره ثقافة المسرح التي تؤسس لانفتاحه على ثقافة المجتمع.

وكعادته وبعد أن انتزع الضحكة والتصفيق بخفة وأناقة، ألقى كلمات من تأليفه بعنوان “يمكن تخلص الدني لكن ما بيخلص لبنان”:

 خايف تخلص الدني ونحنا بعدنا مش عارفين
ما حدا نقّا اسمو ولا حدا نقا مينو لا شكلو ولا لونو لا طائفتو ولا دينو
وعشو بعدنا مختلفين مقسمين مشتتين وتحت عيون الشمتانين منتدبّح باسم الدين
خايف تخلص الدني ووطني زغير تعبان من ولادو المقسومين مع فلان وفليتان
وبسمع صوتك يا جدي عم بيوشوشني بحنان يمكن تخلص الدني وما تخلص قصة لبنان
ومتل ما قلي جدي بهاك القصة من زمان يمكن تخلص الدني لكن ما بيخلص لبنان.

 واختتم اللقاء بتقديم باقة ورد من طلاب الإعلام للممثل المسرحي جورج خباز مع شكره على الحضور، ثم انتقل الجميع لالتقاط الصور التذكارية.

وكان من بين الحاضرين الممثلة سارة قصير والأستاذ محمد قانصو ومجموعة من أساتذة الجامعة ووفد من طلاب كلية الإعلام وباقي فروع الجامعة.

Exit mobile version