أقامت جمعية متخرجي المبرات حفل تكريم لمتخرجيها المجازين الذين بلغ عددهم 350 متخرجا للعام الدراسي 2017-2018، برعاية رئيس الجامعة اللبنانية البروفسور فؤاد أيوب، وفي حضور المدير العام للمبرات الدكتور محمد باقر فضل الله وشخصيات ثقافية ودينية واجتماعية وتربوية وأهل.
بداية ألقى أيوب كلمة قال فيها: “يشرفني اليوم أن أكون متحدثا من منبر يذخر بالقيم الدينية والمعارف الإنسانية في جمعية المبرات الخيرية، هذه المؤسسات التي امتدت مؤسساتها على مساحة وطننا وبسطت أياديها البيضاء في مناطقه وبقاعه حاضنة أيتامه ومعوزيه لتصبح من أهم الجمعيات التي ساهمت في إنماء المناطق وعملت لخير الإنسان والمجتمع.
لا بد من أن أحيي صاحب النظرة الثاقبة والفكر المتعمق سماحة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله الذي كرس مفاهيم حضارية للتعاليم الدينية وجعل العلم أولولية في سعيه بما استحدثه وبناه من صروح، وما أحدثه من إنجازات فكرية وعلمية، وما فتحه من أبواب البر والتقوى لخدمة الإنسان والمعرفة، انطلاقا من القناعة الراسخة بأن العلم هو العامل الأول للنهوض الحضاري”.
وأضاف: “أصبحت الجمعية تضم مؤسسات تعنى بخدمة الإنسان إلى جانب المدارس والمعاهد المهنية التي انتشرت والتي حوت الآلاف من الطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة، واستمرت في متابعتهم حتى في الجامعات، ومنها الجامعة اللبنانية التي كان لها منهم العدد الأوفر في كل الاختصاصات، حيث أظهروا فيها تميزا واجتهادا لافتين وكانوا ممن فاخرت بهم الجامعة. ولم يقتصر دور المبرات على توفير العلم فحسب، بل في خلق بيئة متعلمة لدى شرائح لم يكن ليوفر لها العلم لولا هذه العناية، وهذا الجهد الذي استطاع تأمين كل مستلزمات التعلم”.
وختم: “أبارك للطلاب المتخرجين نجاحهم وأدعوهم إلى الاستمرار في الدراسة ليكونوا بناة للمستقبل والوطن وليتذكروا دائما المكان الذي زودهم بسلاح المعرفة وجعل فيهم حصانة تقيهم ظلامة الجهل ومر أيامه”.
ثم ألقى الدكتور جعفر فضل الله كلمة جاء فيها: “عندما كان السيد يضع الحجر الأساس في المؤسسة الأولى كانت عينه على متخرجيها، لا معنى لأي مؤسسة عبارة عن بناء فخم أو عن هيكلية رائعة أو عنوان كبير ومثال جميل ما لم يكن إنسانها على قدر اسمها وعلى قدر بنائها وعلى قدرعنوانها وكل ما فيها. قيمة الحياة إنما هي قيمة مؤسساتها وقيمة المؤسسات أيا كانت إنما هي قيمة هذا الحي الذي خلقه الله خليفته على الأرض”.
وقال: “عندما كان السيد فضل الله يضع الحجر الأساس، مع بداية أو منتصف البداية من الحرب الأهلية اللبنانية، حينها كان هناك كثيرون ينظرون للدمار وللتوحش، وكان كثيرون يبيحون قتل الإنسان أخاه الإنسان على حاجز هنا ومفرق هناك.وقتذاك كان السيد يرصد إنسانا من نوع آخر،إنسانا يحب الحياة ويعمل لأجلها،إنسانا يحب الحوار ويصوغ كل حركته من أجل أن يكون حواريا في الحياة، لا حوار البروتوكولات ولا حوار الطاولات، وإنما الحوار الذي من خلاله يكتسب الإنسان معرفته عندما يستبطن الآخر فيه”.
وأضاف: “أراد السيد لهذا الإنسان أن يكون المنفتح على الإنسان الآخر الذي يختلف معه في الدين والذي يختلف معه في المذهب والذي يختلف معه في أكثر من جانب يراه الناس كل القصة، بينما كان يرى السيد في الاختلاف تنوعا يبني الحياة. من هذا المنطلق، فإن السيد لم يكن يضع الحجر لأجل الحجر، وإنما كان يضع الحجر لأجل الإنسان الذي تبنيه اليوم المبرات بعد أربعين عاما”.
وختم فضل الله: “تريد المبرات أن تظهر للعالم على أنها نموذج يجمع بين الأصالة والمعاصرة، وبين العلم والقيم، وبين الإنسان الذي يعمل لأجل معيشته والإنسان الذي يعمل في أفق العالم كله”.
وكان لرئيس جمعية المتخرجين الدكتور أحمد الموسوي كلمة جاء فيها: “تعودنا في كل عام أن نلتقي بمتخرجي جمعية المبرات الخيرية في رحاب المحبة والعطاء ونكرم سويا كوكبة من أبنائنا الأعزاء، نعيد معهم عقارب الزمن إلى الوراء، إلى حيث القلب غفى على كتف الكتاب، كتاب نقشت أحرفه من ذهب ورصعت كلماته من ألماس، وكان عنوانه جمعية المبرات الخيرية”.
وقال: “تسبح ذاكرتنا في أعماق الزمن، فتجد أستاذا بذل جهدا دون تعب وملل، ومعلمة أعطت كل ما لديها بكل شغف ومحبة، وتجد في كل زاوية من زوايا المدرسة ذكريات جميلة جمعت في طياتها كل ألوان المحبة والأخوة والعطاء. هذا الصفاء والنقاء والحب كله رسمه لنا سماحة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله برسالته الإنسانية السامية التي بذل حياته من أجلها وبفضل الله كانت مجموعة الشباب الذين حملوا وصايا السيد المعطاء، لتستمر وتبقى نورا” في عقولنا وقلوبنا جميعا”.
وأضاف: “نحن في جمعية متخرجي المبرات، نرتقي بتطلعاتنا وطموحاتنا إلى الوصول لمستويات علمية عالية. فالعلم هو ينبوع الخير، ومنه نستمد شرف الحياة والكرامة، ونزرع ثمار السلام والأمان لأولادنا. هذه الجمعية الشابة ترتكز بعملها على التطوع، وقد تم إطلاق الكفالة الجامعية من خلال مجتمع المتخرجين أنفسهم: من أطباء ومهندسين ورجال أعمال ومن كافة المجالات، والذين أصبحوا كوكبة في المجتمع اللبناني، وكان لهم دورا حضاريا وإنسانيا رائدا، وحتى كان لبعضهم تأثيرا كبيرا في رفع اسم الوطن عاليا، واصبحوا سلسلة متكاملة لمجتمع المبرات، مجتمع الفكر والإبداع والثقافة والتطور”.
وأشار إلى أنه سيتم قريبا افتتاح المركز الجديد للجمعية الذي سوف يكون بخدمة الأبناء المتخرجين على كل الصعد، وخصوصا على صعيد تعليمهم الجامعي.
ثم ألقى الدكتور حسن إسماعيل كلمة المتخرجين، وقال: “كانت صلاة الجمعة موعدا أسبوعيا مع والدي لطفل لم ير الله يوما، لكنه رأى شيبة ذات هيبة تخطب في الجموع باسمه العلي. أخبرني رجل من الجالسين أن الخطيب بنى عدة مؤسسات غير مدرستي، يرعى فيها الأيتام. وكيف لطفل ترعرع في كنف والديه أن يرى بشاعة اليتم وخطره؟ حتى عرفت ذات يوم أن نصف زملائي في الصف كانوا أيتاما، لكن كان لهم أب، حاول بالمال والبسمة والصوت الحنون أن ينسيهم مصيبتهم. ثم جاءت إسرائيل عام 2006، بدأ عامي الدراسي في مؤسسة نصف مدمرة، سقطت من مدرستي جدران كثيرة، وسقط منها شهيد بطل. الهمة كانت ذاتها، والأبطال الآخرون من أساتذة وإداريين حضروا كاملين. وكان قرار المؤسس واضحا: العلم فوق الدمار والدماء، واتركوا الدمع للمنزل”.
وختم: “كبر الطفل وتخرج ودخل كلية الطب ونال الشهادة التي يفخر بها، درة التاج في جامعتنا الوطنية، لكني قبل ذلك، أذكر أني طبيب متخرج في المبرات، بفم ملآن تليه ابتسامة الاستعلاء”.
يشار إلى أن الحفل شهد تكريما خاصا لكل من المتخرج الرائد طارق الضيقة، وهو رئيس مركز التوقيف الاحتياطي في دائرة التحقيق الاجرائي في المديرية العامة للأمن العام، والمتخرج الفنان مهتدي الحاج، وهو عازف بيانو لبناني متخصص في الموسيقى الكلاسيكية، وفائز بالجائزة الأولى في مسابقة بودابست الدولية للبيانو 2017، وقد تم اختياره لأداء الموسيقى مع أوركسترا الدفاع العسكري الروسي في موسكو. كذلك تم تكريم المهندس أحمد حجازي الفائز بالمرتبة الأولى على صعيد الشرق الأوسط والمركز الثالث عالميا في التصفيات الدولية في مسابقة هواوي لمهارات الاتصالات وتقنية المعلومات التي أقيمت في الصين، والمتخرج محمد رضا جابر عباس وهو سكرتير ثان في وزارة الخارجية، قنصل في السفارة العراقية، ومسؤول عن ملف مجلس الأمن في وزارة الخارجية. وكذلك المتخرجة فاطمة يونس “حافظة للقرآن الكريم”، والحائزة على المرتبة الاولى في مهرجان ربيع الشهادة العالمي، والمرتبة الأولى في مهرجان جامعة المصطفى العالمية، كما حازت الدكتوراه الفخرية من المركز الثقافي الألماني على المشاركات القرآنية في الحفظ والتلاوة.