أقيم حفل تأبيني حاشد في ذكرى أسبوع مدير محطات الأيتام في الجنوب الحاج حسين أبو شز في قاعة مجمع الرضا(ع) في بلدة ميس الجبل في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والحزبية والبلدية والثقافية والعسكرية والاختيارية وحشد من أبناء المنطقة غصت بهم القاعة.
استهل الحفل بآيات من القرآن الكريم ثم القى سماحة العلامة السيد علي فضل الله كلمة استهلها بالقول أنه من اللحظات الصعبة التي يعيشها الإنسان عندما يقف أمام فقدان لأخ عزيز ملأ حياته بالعلم والعمل والعطاء فهو ابن هذه القرية المعطاء، وابن الجنوب الصابر والصامد، ولا شك في ان مثل هذه البيئة الصالحة هي التي ساهمت في صناعة الأخ حسين أبو شز، والذي هو بدوره كان مساهماً في صناعتها، حنى بلغ في هذا المسعى أن كان لحضوره في أي موقع جاذبية خاصة ومحببة شدت إليه هذا الحشد من المحبين على اختلاف أعمارهم…
وأضاف سماحته: إننا حين نتحدث عن هذا الأخ الحبيب إنما لنتأسى ونتعلم من هذه الشخصية التي لم تكن عادية على غرار الأشخاص الذين يمرون في الحياة في شكل عابر من دون أن يتركوا أثراً فيها أثراً في ما حملوه من قيم ومبادئ شخصية لم تهزها لا الصعوبات ولا الاغراءات فكان ثابتاً في قناعاته مسترشداً بالسيد فضل الله(رض) بهذا الفكر الإسلامي الخلاق فكر تألق في معالجته لمشكلات الحياة وتحدياتها الراهنة والمعاصرة، واهتمامه بآلام الناس ومعاناتهم، فكر عميق في صوغ هذا التفاعل القوي بين ما يطرحه من أفكار وما يمارسه من عمل أو في هذا التكامل في نظرته الشمولية للإسلام وفي ايلائه مختلف القضايا الإسلامية والاجتماعية والإنسانية كل الاهتمام.
وتوجه سماحته بالتحية إلى هذه القرية التي تقع على حدود فلسطين والرابضة بشموخ في مواجهة هذا المحتل الغادر، والتي قدمت التضحيات الكبيرة في مواجهة عدوانه وفي مساهمتها في دحره وتحرير الأرض، وما كان لميس الجبل أن تقوم بهذا الدور الطليعي في المواجهة لو أن أهلها من علماء كبار وفعاليات ومن تاريخ عريق لم يتميزوا ولم يكن لهم ذلك التاريخ المشرق الذي نريد له أن يستمر ويتواصل…
وتابع: وكما بالأمس عادت الظروف لتقسو علينا، وأخذت موجات الضغوط والحصار تتوالى علينا من كل حدب وصوب، ليساعدها في ذلك انقسامات ومحاصصات وسياسات فاسدة وإدارة عبثية، وتجارة جشعة، حتى تشعر كأن هناك من يريد إعادة لبنان وهذه المنطقة الكريمة بخاصة إلى الزنازين القديمة…
ولفت سماحته إلى أن بعض هذه القوى الضاغطة من خارجية أو داخلية يعرف ما يفعل، ويريد لهذا الوطن وفي القلب منه الجنوب أن يعود ليتسول الأمن والسلام من محتل لا يعيش إلا على العدوان والسيطرة، أو من قوى دولية كبرى لا يعنيها إلا تفوق هذا المحتل على كل دول المنطقة العربية والإسلامية … وبعضهم لا يعرف ما يفعل. وقد تكون عنده الأمور ملتبسة لكنه ينساق في السير بما يجري… وبعضهم لا يكف عن توظيف الأحداث ليحقق المكاسب والمغانم من خلال احتكار هنا أو تلاعب هناك وغير ذلك… والنتائج وخيمة… أما نحن فلا خيار لنا إلا البقاء في هذه الأرض وأعود هنا في هذه البلدة الكريمة لأكرر ما أقوله دائما ان الانقسام قد يطول وزمن الأزمة والضغوط قد يستمر…
واعتبر سماحته: ان الدول الكبرى لا تبالي بنا، وإن أحاطت وطننا بقدر من الاهتمام فلأهداف خاصة ولحسابها، أما أغلب القوى السياسية في الداخل فغارقة في مصالحها الفئوية وحساباتها المصرفية لا يحركها مبدأ إنساني او التزام أخلاقي، تبحث عما يحقق لها غاياتها الخاصة، ولا يهمها أن تطول الأزمة أو تقصر، هي تستثمر الأزمة لتعزيز مواقعها، فلا يهمها أن يرتفع الدولار ولو بلغ المئة أو يقلقها غلاء أسعار الغذاء والدواء والمحروقات مهما بلغت…
وتوجه إلى المواطنين ومن كل الطوائف قائلا علينا أن نعيش التكافل في ما بيننا ان نقف معاً إلى جانب الحق… أن لا ننساق إلى ما يبيته لنا أعداء هذا الوطن من فتن داخلية… وهناك من يتحدث عن أن ثمة من يعمل على أن يفجر البلد من داخله إذا لم تنجح الضغوط القائمة في تحقيق أهدافه…
إنهم يسقطون الدولة ومعها الوطن بغبائهم، بحساباتهم القاصرة، بمصالحهم الفئوية، بعبث رهاناتهم الخارجية… في كل يوم يأتون بشرط جديد لانتخاب رئيس… والحكومة معطلة… والمجلس النيابي معطل. وبالأمس مزقوا القضاء… حتى أن كل حصون الوطن تسقط… ولم يبق لهذا الوطن من حصن رسمي إلا حصن الجيش وقوى الأمن… فهل يريدون القضاء على ما تبقى من وطن ودولة… ليس لنا إلا هذا الوطن، ومسؤوليتنا ان نصونه كما هو عهد هذا الجنوب الذي صانه وحماه… ومسؤوليتنا أن نحمي الوحدة الوطنية في هذا البلد فلا وطن من دون وحدة، ولا مستقبل لأي فئة أو طائفة بعيداً عن الوطن، ولو توهمت ذلك بعض الجهات…
وختم كلامه بالقول: لذا لا حصانة للوطن أمام المخاطر إلا بترسيخ انتمائنا الوطني… والتزامنا الإيماني والأخلاقي… فوطنيتنا هي حصننا …