Site icon جمعية المبرّات الخيرية

المبرّات تنظم المؤتمر التربوي الثالث والثلاثون: “التربية الشخصية والقيم في قلب التعلّم: مدخل إلى المواطنة الصالحة”

نظمت جمعية المبرّات الخيرية اليوم الرئيسي للمؤتمر التربوي الثالث والثلاثين تحت عنوان “التربية الشخصية والقيم في قلب التعلّم: مدخل إلى المواطنة الصالحة”. أقيم المؤتمر في الخامس من أيلول 2024، في قاعة الزهراء الملحقة بمجمع الإماميين الحسنين في حارة حريك. برعاية وحضور وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال، الدكتور هكتور حجار، والذي شهد حضوراً كثيفاً من الشخصيات البارزة في المجال التعليمي والاجتماعي وممثلون عن مؤسسات تربوية ومراكز ثقافية، ورؤساء بلديات، بالإضافة إلى فاعليات أكاديمية ودينية ومديري المؤسسات التعليمية والرعائية في المبرّات.

قدّم اليوم الرئيسي للمؤتمر الأستاذ غسان وهبي، مدير معهد علي الأكبر المهني والتقني وعضو في لجنة المؤتمر، الذي أشار أن المبرات تختم فعاليات مؤتمرها الذي تضمن إحدى وستين ورشة عمل بمشاركة أكادميين وإختصاصيين في مجال التربية حضرها كوادر المبرات التربوية التي تجاوز عددهم الألفي شخص ليخلص المؤتمر الى توصيات تدرج ضمن خطط عمل المؤسسات كافة.

افتتح المؤتمر التربوي الثالث والثلاثون بآيات من القرآن الكريم تلتها النشيد الوطني اللبناني، ثم تم عرض مقتطفات مصوّرة للمؤسس المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله تحت عنوان “القدوة أقوى من الكلمة”.

وزير الشؤون الاجتماعية، هيكتور حجّار

 تلا ذلك كلمة وزير الشؤون الاجتماعية، الدكتور هكتور حجار، الذي أكد على أهمية تضافر الجهود ودعم المؤسسات التي نفتخر بتضحياتها وعملها وإنجازاتها. الذي قال: “جل ما نحتاجه اليوم هو تضافر جهودنا ودعم مؤسساتنا التي نفتخر بتضحياتها وعملها وتقدماتها. وهنا أسمى مشاعر العرفان والتقدير نقدمها لجمعية المبرّات التي لم تبخل يوماً بالعطاء ولم تألو جهداً في التربية والرعاية.”

 كما توجّه الوزير بكلمة إلى الأساتذة والعاملين في المجال التربوي، مشدداً على أهمية التعلم المستمر: “إنني إذ أقدّر جهود كل المعلمين والإداريين، أدعو الجميع إلى التعلم المستمر واعتماد نهج التعلّم الدائم الذي يُطور عقولنا بما ينتجه في نفسنا ومجتمعنا ويساهم في بناء مجتمع أساسه العلم وحدوده المعرفة.”

وأضاف: “لن ننظر لما خسرنا بل ننظر لما ينتظرنا وينتظر بنونا من نجاح وإبداع وتطور. ننظر لعظمة التضحيات وندعو الله أن يمنّ علينا بأيام تحمل السلم والسلام ويساعدنا على توطيد انتمائنا والدفاع عنه ما حيينا.”

بعد ذلك، عرض منظمو المؤتمر فيديو يبرز إنجازات ونجاحات طلاب المبرّات، مما أضفى طابعاً ملهماً على المؤتمر.

مدير عام جمعية المبرات الخيرية، الدكتور محمد باقر فضل الله

 تحدث مدير عام جمعية المبرّات الخيرية، الدكتور محمد باقر فضل الله، عن أهمية المؤتمر تحت عنوان “التربية الشخصية والقيم في قلب التعلم: مدخلاً إلى المواطنة الصالحة”، مشيرًا إلى أن اختيار عنوان جديد يعكس التحديات والاحتياجات الراهنة في نظام التعليم.

الذي أكد فضل الله على ضرورة مراجعة السياسات والبرامج والأنشطة، وأهمية تقديم نماذج إيجابية لمواجهة التحديات القيمية المعاصرة. كما أشار إلى التعاون مع المركز التربوي للبحوث والإنماء لتشكيل لجان لإعداد مصفوفات المدى والتتابع للكفايات، معتبرًا أنها ركيزة أساسية للمناهج.

كما دعا جميع العاملين في مؤسسات المبرّات لمواكبة المستجدات والمشاركة في ورش الإعداد، مؤكدًا استعداد الجمعية لتقديم الدعم لإنجاح هذا الإنجاز الوطني. وأبرز أهمية إعداد وتأهيل المعلمين من خلال برنامج “معلم ما قبل المهنة”، مشددًا على دور الإدارات في التخطيط وتنفيذ البرامج وتقييمها، مع التركيز على تقييم الأداء المستمر وغرس القيم في شخصية المتعلمين.

وتناول الدكتور محمد باقر فضل الله في كلمته تأثير التحول الرقمي على المؤسسات التربوية، مشيراً إلى أنه يمثل تغييرًا جذريًا في طبيعة التعليم وآلياته. وأكد أن التحول الرقمي يوفر فرصًا هائلة لتحسين التعليم وتطوير المهارات، لكنه يجلب أيضًا تحديات كبيرة في بناء الشخصية المتوازنة. ولفت إلى أن النجاح في هذا العصر الرقمي يتطلب توازنًا دقيقًا بين استغلال إمكانات التكنولوجيا والحفاظ على القيم الأساسية للتعليم والتنمية الشخصية.

وأشار إلى وضع الأيتام في المبرّات، موضحًا أن المؤسسات الرعائية تمثل درعًا واقيًا للأيتام ومنارة أمل لمستقبلهم، حيث تقدم خدمات متنوعة لأكثر من 4500 ابن وابنة. ورغم تفاقم الأزمة الاقتصادية وتزايد أعداد الأيتام، استمرت المبرّات في تقديم الرعاية المتكاملة، مما يشكل عبئًا ماليًا إضافيًا، حيث يتواجد 80% من الأبناء في مؤسسات المبرّات التعليمية.

وتحدث فضل الله أيضًا عن عمل المبرّات مع ذوي الاحتياجات الخاصة، مثل المكفوفين والصم، مشيرًا إلى أن مؤسسة الهادي تضم أكثر من ستمائة ابن وابنة، وتوفر لهم الخدمات والعلاجات من قبل خبراء متخصصين، رغم الكلفة العالية لهذه الاحتياجات.

وأشار إلى أهمية العلاقة بين الأهل والمؤسسات التربوية، حيث أكد أن ترسيخ القيم وبناء الشخصية من أهم الأهداف التربوية، وهذه العملية تتطلب تضافر الجهود بين الأهل والمدرسة، خاصة في ظل التقلبات التي يشهدها العالم الرقمي. كما أن التنوع الثقافي بين التلاميذ يجعل من الصعب تلبية احتياجات الجميع، مما يتطلب تعاونًا وثيقًا بين الأهل والمدرسة.

في ختام كلمته، تطرق إلى الإرشاد الديني، مشيرًا إلى التحديات الجديدة التي تفرضها العولمة والتكنولوجيا السريعة. وأكد على أهمية النموذج القدوة في التعامل مع هذه التحديات، داعيًا إلى تطوير أساليب مبتكرة لجعل الإرشاد الديني أكثر جاذبية وملاءمة لحياة التلامذة اليومية.

عقب كلمة مدير المبرّات، قدم كورال المبرّات فقرة فنية بعنوان “موطني”، التي أضفت جوًا من الحماس.

الندوة: بعنوان “التربية الشخصية في التعلم: من الرؤية إلى التطبيق”

ثم اختتم اليوم الرئيسي للمؤتمر بندوة علمية بعنوان “التربية الشخصية في التعلم: من الرؤية إلى التطبيق”، التي أدارتها مديرة ثانوية الامام الجواد، الأستاذة سعاد مراح.

تحدث في الندوة كل من البروفيسور الفخري في قسم التربية والتعليم في الجامعة الأميركية في بيروت، الدكتور مراد جرداق، وبروفيسور التربية الشخصية في جامعة ميسوري سانت لويس في الولايات المتحدة، الدكتور مارفين بيركويتس، وبروفيسور في قسم الأسس الفلسفية والاجتماعية للتربية في جامعة طهران، الدكتور خسرو باقري.

الدكتور مراد جرداق:

لفت الدكتور جرداق في مداخلته إلى أن القيم هي محرّك أساسي للكثير من مكوّنات المدرسة، بما في ذلك المناهج وأولويات التعلم والتعليم وأهدافهما وأساليب التدريس. وأشار إلى أن المدرسة المعاصرة تركز على الدور المعرفي بينما تتجاهل اكتساب القيم، رغم أن مسؤوليتها تتطلب التعرف على القيم الشخصية والمجتمعية لدى المتعلمين والعاملين في المدرسة.

الدكتور مارفين بيركويتس:

بدوره، أكد الدكتور مارفين بيركويتس على نموذج الخطوات الثلاث لكل مدرسة تتبنى التربية الشخصية والقيمية، حيث يقود القائد في المدرسة ثم المعلمين فالتلاميذ. وأوضح أنه لا يمكن أن تكون هناك مدرسة متميزة دون قائد متميز، معتبرًا أن العلاقات في المجتمع المدرسي من أهم العوامل المؤثرة على التحصيل الأكاديمي وبناء الشخصيات.

الدكتور خسرو باقري:

أما الدكتور خسرو باقري، فقد رأى أن التربية الشخصية تتطلب جعل المتعلم مسؤولاً عن أفعاله، مما يستدعي تأمين بيئة تربوية مناسبة. كما ربط التربية الشخصية بأبعاد ثلاثة: البعد النوعي، والبعد الكمي، والبعد النقدي، مستنتجًا من آيات قرآنية فاعلية المتعلم في المنظومة الإسلامية.

تلا ذلك تعقيبات على المداخلات العلمية من قبل المشرف الديني العام في جمعية المبرّات الخيرية، السيد جعفر فضل الله، ومديرة مركز سراج للتشخيص التربوي التابع للمبرّات، الدكتورة شذا إسماعيل، وكلمة لأمينة المؤتمر، السيدة آيات نور الدين.

الدكتورة شذا إسماعيل التي عقبت على مداخلة الدكتور جرداق اعتبرت أن تعليم القيم ضروري لبناء الشخصية القيادية، وهي أحد أهم ملامح خريج المبرّات. ولتحقيق ذلك، يجب على المعلم استخدام بيداغوجية تعليم مبنية على التعلم النشط والتجريبي لتعزيز التفكير النقدي.

من جهته قال السيد جعفر فضل الله الذي عقب على مداخلة د. خسرو باقري أن الخطاب الديني يهدف إلى صناعة الإنسان – الخليفة، والذي يقوم على أساس تحقيق إرادة الله على الأرض من خلال اقتناعه بذلك. وأكد على أهمية تغذية هذا الخطاب بالمعرفة القائمة على الأدلة والبراهين وليس التلقين.

وأشارت السيدة آيات نور الدين إلى ما تناوله الدكتور مارفين إلى أن مقاربة التربية الشخصية تنطلق من رسالة المدرسة التي تحدد ملامح الخريج، وتجسد في اليوميات المدرسية، بدءًا من النماذج التي يصادفها المتعلم إلى العلاقات التي تحكم المجتمع المدرسي، وصولاً إلى أنظمة الثواب والعقاب، وكذلك مناخ المدرسة وبيئتها.

وفي ختام المؤتمر  تحدث رئيس جمعية المبرّات الخيرية العلّامة السيّد علي فضل الله فدعا اللبنانين إلى: “تفعيل الدور التربوي والأخلاقي على صعيد المؤسسات التعليمية لبناء أجيال يحكم العنوان الأخلاقي والقيمي والإنساني توجهاتها الفكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية وتطلعاتها إلى المستقبل”، مشيرا إلى الحاجة “إلى ما يفتح الأبواب واسعة أمام علاقات حوارية وتواصلية وشفافة تعمل لبناء الوطن على أساس القواسم المشتركة بين كل مكوناته الاجتماعية ومواقفه السياسية”.

Exit mobile version