دعا رئيس جمعية المبرات الخيرية العلامة السيد علي فضل الله، في كلمة القاها في حفل الإفطار السنوي للهيئة النسائية للمبرات في مجمع الكوثر ومبرة السيدة خديجة الكبرى على طريق المطار، إلى “الوقوف مع المرأة في نضالها في وجه كل ما يسيء إلى كرامتها ودورها، وفي المطالبة بحقوقها، أو حق إعطاء الجنسية لأولادها الذي لا يزال يخضع للبعد الطائفي من دون أن يراعي في ذلك البعد الإنساني”.
بداية الحفل، آي من الذكر الحكيم، ثم وثائقي عن الجمعية في عامها الأربعين، ففقرة فنية قدمها أطفال من المبرات، أعقبها كلمة للهيئة النسائية ألقتها مديرة دار الصادق للتربية والتعليم الأستاذة نهى الصايغ جاء فيها: “خلال أربعين عاما، عملت الهيئة النسائية جاهدة من أجل رفد مسيرة المبرات ماديا ومعنويا، وقدمت المساندة للأيتام والمعوقين من أجل تأمين أفضل سبل العيش والحياة الكريمة لهم. وما زال دورها يتعاظم على صعيد توطيد العلاقات والتواصل مع شرائح المجتمع المختلفة واستقطاب المتطوعات ممن لديهن الخبرة في العمل الاجتماعي، لدعم هذه المسيرة، وكذلك دورها البارز على صعيد إحياء المناسبات وتنظيم الاحتفالات والندوات والدورات القرآنية والمحاضرات والمسرحيات الهادفة التي تساهم في رفع الوعي وكشف المواهب عند الطلاب والمتخرجين”.
فضل الله
بعد ذلك، ألقى العلامة فضل الله كلمة جاء فيها: “استطعنا، ومن خلال لقاءات الخير هذه، أن نصنع الكثير لإنساننا المعذب والمتألم، أن نشعره بإنسانيته، أن نحفظ له كرامته، أن نعيد إليه الحضور الفاعل والدور، وكل هذه المؤسسات التي ترونها هي شاهد حقيقي على الأثر الذي تركه هذا التعاون، ومسؤوليتنا أن نتابعه”.
أضاف: “إن هذا التلاقي على المسؤولية، وهذا التعاون على الخير، هو الذي جعلنا قادرين على بناء كل مواقع الخير، وعلى مواجهة التحديات التي واجهتنا عندما احتل هذا البلد من العدو الصهيوني، أو عندما واجهنا الإرهاب التكفيري، أو عندما واجهتنا كل الأزمات. فنحن أنتجنا الكثير عندما راهنا على وحدتنا، وهذا التلاقي هو ما نريده أن يطبع واقعنا، لنواجه به ما نعانيه من الفساد السياسي والانحراف الخلقي والعنف واستسهال القتل والمخدرات وكل الظواهر الشاذة التي تعصف بواقعنا وتهدد استقراره وأمنه ومستقبله”.
ورأى أن “الفاسد والمنحرف لا يمكن أن يكون شيعيا أو سنيا أو درزيا أو مارونيا، هو لا دين له.. هو يعاكس الأديان التي كان شعارها دائما مواجهة من مارسوا الفساد وعطلوا القيم والإصلاح”.
وتابع: “إن علينا مسؤولية أن نتعاون في مواجهة هذا الواقع، الذي يستدعي استنفارا على كل المستويات، عائليا واجتماعيا وتربويا ودينيا ووطنيا.. إننا أحوج ما نكون إلى أن نعيد صناعة إنساننا ومجتمعنا.. أن نعود إلى التربية.. فالتغيير لن يأتي من فوق ولا يصدر بمرسوم، هو يأتي من داخل الإنسان، وهناك أدوار لرجال السياسة ولرجال الدين ولعلماء الاجتماع والتربية، ولكن يبقى الدور الأساس هو دوركن أيتها الأخوات، أيتها الأمهات، هو دور كل امرأة.. فالمرأة هي المؤهلة للقيام بهذا الدور لما أودع الله فيها من الرحمة والمحبة والحنو والنفس الطويل والصبر، وبدونها لن تكون التربية”.
ولفت إلى أن “الذي يسيء إلى كرامة زوجته أو يهينها أو يعنفها، هو لا يسيء إليها فقط، بل هو يسيء إلى القيمة التي أودعها الله عندها، هو يسيء إلى مستقبله ومستقبل أولاده، فلا يمكن لأم مقهورة معنفة قد أهدرت كرامتها وإنسانيتها أن تبني جيلا قويا مقتدرا متوازنا في شخصيته، إلا إذا تغلبت على جراحها”.
وأكد فضل الله وقوفه، وقال: “مع المرأة في نضالها في وجه كل ما يسيء إلى كرامتها ودورها، وفي المطالبة بحقوقها، من حق إعطاء الجنسية لأولادها الذي لا يزال يخضع للبعد الطائفي من دون أن يراعى في ذلك البعد الإنساني، أو حق الحضانة الذي ما زلنا نرى أن الأولوية فيه لمصلحة الولد، ودائما ما نرى أن الأم هي الأقدر على حضانة الولد، إلا في حالات استثنائية”.
وفي ختام كلمته، دعا المرأة إلى “القيام بدور فاعل في هذه المرحلة حيث تحديات الخارج من حولنا، تفرض نفسها على الداخل اللبناني، وحيث الخرائط ترسم في المنطقة لمصلحة أعداء بلادنا وأمتنا، وحيث التحرك الدولي لا يتوقف لتصفية القضية الفلسطينية وإدخال الكيان الصهيوني كشريك، وكذلك أن تقوم بدورها في مواجهة تحديات الداخل، تحدي بناء دولة القانون، فنحن نريد دولة خالية من الفساد والمحاصصة ومن التمييز بين المواطنين، دولة عصرية وعادلة”.