رعى العلامة السيد علي فضل الله الاحتفال التكريمي لفتيات بلغن سن التكليف الشرعي، والذي أقامته جمعية المبرات الخيرية في قاعة الزهراء في مجمع الإمامين الحسنين في حارة حريك.
وتخللت الاحتفال فقرات فنية متعددة قدمها طلاب المبرات، ثم كانت كلمة للعلامة السيد فضل الله أشاد فيها ب”أهمية الحجاب ودوره في تعزيز قيم إسلامية مهمة”، محذرا من “سيادة العقلية والعقدة الجاهلية في بعض النماذج في مجتمعاتنا حيال المرأة، كأن يقول البعض عندما تولد له أنثى: “أنا لا أفرق، ولكن بشارتها مزعجة”، مشيرا إلى “انعكاس ذلك على مسألة الثواب والعقاب، فجرم الصبي مغفور، وجرم الأنثى يعرضها لأبشع أنواع العقاب”.
وتساءل: “كيف يمكن أن تكون الزهراء قدوة لنا، ثم نبادر إلى هذا التفريق والتمييز بين أبنائنا وبناتنا؟”، منتقدا الفكرة التي يحملها البعض حول نظام توزيع الإرث: “للذكر مثل حظ الأنثيين”، مشيرا إلى أنه “جزء من التنظيم الذي راعى المسؤوليات الإنفاقية التي حملها الإسلام للرجل”، داعيا إلى أن “يكون الاقتداء بالزهراء خير علاج للذهنية الشرقية الحاكمة التي تسيد الرجل، مهما كانت إخفاقاته، وتعمل على تهميش المرأة مهما كانت إنجازاتها”.
ودعا إلى “احترام المرأة وتقديرها والرد على المشككين في إمكاناتها، وعلى من ينظر إليها نظرة دونية، ويستنكر تصديها للشأن العام ومشاركتها في أي ميدان اجتماعي بحيث نرى نماذج من الناس تحكم على المرأة بالضعف، وترى، مثلا، أنها غير مؤهلة لقيادة السيارة، ونرى البعض يسمعونها أقذر العبارات، وكأن الشاب لا يخطئ في شيء، والمفارقة الخطرة عندما تصدق المرأة هذا الأمر وتحكم على نفسها بالضعف”.
وتابع: “الأمثلة كثيرة، احسبوا عدد النساء في المجلس النيابي أو البلديات التي نحن مقبلون عليها، لم لا يفسح المجال للمرأة كي تصل؟ لم لا تحصل على فرصتها؟ وحتى في الجمعيات والمؤسسات، ولدى المنفتحين تجاهها، فإن أقصى ما يمكن أن يكون دور المرأة هو عزلها في إطار نسائي ولجان نسائية وهيئات نسائية فقط، من دون تصديها لشؤون أخرى في السياسة أو الثقافة أو التخطيط. نعم، هناك تغييب للمرأة، ولا يكفي أن تتواجد في الإعلام كشكل، والذي هو في كثير من الحالات تقييد وامتهان لدورها أكثر من إطلاقه، لأنه يجعلها أسيرة الكاميرا ومتطلباتها ومتطلبات النجومية ولعبة الشكل، مما نراه يحجمها ولا يطلقها”.
ودعا إلى “تنقية بعض النصوص التي تتناقض كليا مع القرآن الكريم، وخصوصا تلك النصوص الضعيفة في سندها”، منوها ب”تجربة بلقيس التي تولت أمر مملكة سبأ، والتي خلد القرآن تجربتها وحكمتها في مقابل صلافة الرجال”.
وخلص: “إن اتخاذ الزهراء قدوة له تبعاته على مستوى الوعي والتربية والبناء والتحفيز. لقد جاء رسول الله بالإسلام ليعزز من إنسانية الإنسان رجلا وامرأة، وكان للمرأة نصيب بأن أوقف وأدها. والذي يوقف وأد البنت وهي صغيرة، لا يمكن أن يشرع وأد طاقاتها وفكرها ورأيها وهي كبيرة، ولأجل هذا، كانت خديجة الزوجة والشريكة، وكانت الزهراء التي انطلقت وتصدت للشأن العام في ميادين الرجال، تخطب فيهم ويفيدون من علمها عن رسول الله”.