برعاية العلامة السيد علي فضل الله ولمناسبة المولد النبوي الشريف، اقامت جمعيّة المبرّات الخيريّة معرض العطاء بعنوان “رسول الله قدوتي”، في ثانوية الامام الجواد في علي النهري، حضره مفتي بعلبك الشيخ أيمن الرفاعي ومطران زحلة عصام درويش وشخصيات تربوية وعلمائية واجتماعية وأهل.
البداية آيات من الذكر الحكيم، ثم النشيد الوطني، فكلمة لمديرة ثانوية الإمام الجواد سعاد مراح قالت فيها “أن معرض العطاء ما هو الّا ترجمة للتعاليم التي جاءت بها الكتب السماويّة، وأن الله عز وجلّ حين أفاض خيراته على هذا الكون وحثّ عباده على العطاء، لم يخصّ بها طائفة او أمّة دون أخرى، وأن من عبق رسالة المحبّة اليسوعيّة وهدى رسالة الإسلام يفوح العطاء بكل تجلياته”. وأضافت: “جمعيّة المبرّات الخيريّة قد آلت على نفسها إقامة هذا المعرض سنوياً في إحدى مؤسساتها ليشمل مختلف الأسر من مختلف المناطق اللبنانيّة”.
ثم القى مدير مدارس المبرّات في البقاع الأوسط في البقاع ابراهيم السعيد كلمة من وحي المناسبة، جاء فيها: “لقد حضنت مؤسسات المبرّات في هذا البقاع الحبيب منذ انطلاقتها، آمال أبنائنا من طلاب العلم والمعرفة الذين باتوا اليوم رسل الثقافة في حياتهم الطبيّة والهندسيّة والتربويّة والتعليميّة، كما حضنت آمال أبنائنا من الأيتام الذين سلبتهم يد الزمن عطف الأبوّة، فوجدوا في صروح المبرّات حضن الأمان، وملاذ العلم وكهف العطاء، فإذا بهم يبدعون على مقاعد دراستهم، ويتحدّون الحياة بإنجازاتهم”.
وأضاف: “هذا المعرض يشكل فرحاً رساليّاً ونقطة ضوء من نقاط النور التي تنشرها مؤسساتنا، وهي كثيرة، من قبيل رفع مستوى التحصيل المدرسي دائماً، وترسيخ ثقافة المدرسة الفاعلة التي يشارك أبناؤها في
أنشطة على مستوى الوطن كلّه، ويحققون النتائج المميزة. وكذلك من قبيل هذا المعرض الذي صار سنّة حسنة في جمعيّة المبرّات الخيريّة، تحسّساً منّا لجور الزمن على الكثيرين من أهلنا، مما يوجب على المؤسسات الأهلية والرسميّة اطلاق مثل هذه المبادرات الخيّرة”.
وكانت كلمة لمفتي بعلبك الشيخ أيمن الرفاعي رأى فيها “أن الدين جاء ليحرر الإنسان من العصبيات كلها” لافتاً إلى “أن المطلوب منّا أن نعيش العبودية الحقيقية الخالصة لله وأن نكسر كل هذه الاصنام والأوثان التي نصبناها في داخلنا وقدّمنا لها القرابين”. وأضاف سماحته: “أن العطاء هو أبرز ما يميّز الإنسان ويحقق له إنسانيته الكاملة، وفي معرض العطاء هذا نحيّي الأخوة القائمين عليه، ونستذكر بالخير من زرع، رحمه الله، ومن رعى، حرسه الله، ومن اعتنى، أيده الله، وكل عطاء وأنتم بألف خير”.
بدوره المطران عصام درويش توجّه بالدعاء “الى شهداء الجيش اللبناني الذين يسقطون دفاعا عن الوطن” مشيرا إلى “أن جمعيّة المبرّات ومنذ تأسيسها حملت المحبّة والخير إلى الجميع، وساهمت ولاتزال تساهم في مسح الحزن عن قلوب كثيرة وتخفف الآلام عن المحتاجين”. ورأى “أن عمل جمعيّة المبرّات وغيرها من الجمعيات الاجتماعيّة يهدف إلى تحسين ظروف العائلات المحتاجة والعمل على إقامة مجتمع تسوده المحبّة والتعاون والعدالة”، مشيراً إلى “أن اللبنانيين يشعرون بالطمأنينة بوجود مناخ الحوار بين مكوّنات المجتمع اللبناني”. وأمل “أن يستمر هذا المناخ رغم الصعوبات لكي نصل إلى ترسيخ السلم الأهلي وندخل المحبة إلى قلوب المتحاورين”.
ثم كانت كلمة راعي الحفل العلّامة فضل الله جاء فيها: “عندما نتحدث عن النبوات والرسالات السماوية فلا بدّ أن نتحدث عن العطاء لأن هذه الرسالات استمدت معينها من الله الذي هو عطاء بلا حدود يعطي من دون تمييز وتفرقة”.
وأضاف: “رسول الله انفتح على الجميع وأراد لهذا الانفتاح أن يكون طابع الحياة، فهو دعا إلى اللقاء بين هذه الأديان على القيم، وعمل من أجل تثبيت مشروع مشترك تحتاجه البشرية”.
وتابع “لا نكون مؤمنين بأي رسالة سماوية إلا عندما نخرج من أنانياتنا وعصبياتنا وحساسياتنا، أو عندما نحمل رحابة الله ورحابة كل الرسالات التي تحثّ على المحبّة والخير وتقديم العطاء ومساعدة المحتاج، بعيداً عن دينه ومذهبه وطائفته”.
وأشار سماحته إلى أنه “لا يمكن للذين يقتلون ويعيشون التعصب والانغلاق ويعملون على إلغاء الآخر أن يزعموا انتماءهم إلى أي دين سماوي أو مذهب، فأين هم من عبق هذه الرسالات التي أتت بالمحبة والسلام. فهم بعيدون عن كل هذه الأديان وكل هذه العناوين وكل هذا التاريخ” .
وأضاف: “مشكلتنا أننا نتطلع دائما إلى مواقع الخلاف ونعمل على تضخيمها، بينما المطلوب أن نركّز على مواقع اللقاء الكثيرة، سواء بين الأديان أم بين المذاهب، فالرسالات جميعاً أتت للتتكامل ولخدمة الإنسان ولترتقي بالمجتمعات نحو الافضل”.
وختم: “لا بد ونحن نتحدث عن قيمة العطاء أن نقدّر هذا العطاء الذي يتجلى في هذه الدماء التي تبذل من أجل الوطن وحمايته من العابثين بأمنه واستقراره. دماء أولئك الذين يحمون الوطن من الذين يريدون به شراً، ومن هنا نشعر بأهمية هذا العطاء الذي يبذله الجيش اللبناني وتبذله المقاومة، هذه الدماء هي أغلى أوسمة العطاء في الحياة. إننا نعتقد أن هذا البلد لا يمكن أن يبنى الّا بتكامل العطاء وتضافر الجهود”.
بعد ذلك انتقل الحضور إلى قاعة المعرض، وتمّ قصّ الشريط التقليدي للافتتاح، ثم جالوا في أرجاء المعرض الذي عرضت فيه مساعدات (ثياب، حرامات، أدوات منزلية، مواد غذائية، أحذية ومختلف الحاجيات..). قدّمت مجاناً إلى حوالى 700 عائلة من المحتاجين والفقراء.
والجدير ذكره أنه ضمن فعاليات المعرض نظمت المبرّات يوماً ترفيهياً طويلاً لأبناء الرعاية الأسرية قضوه بين قاعات الألعاب والمسرح، في أجواء من الفرح واللعب والمرح تضمنت فقرات نفخ، سيرك، مسرحيّة “بيتك يا ستّي” للأستاذ كريم دكروب، صلاة، غداء، تقديم هدايا، وألعاب وثياب.