شدّد العلامة السيّد علي فضل الله على ضرورة أن نعمل كلبنانيين للخروج من دائرة المغاور والمحاور الطائفيَّة والسّجون المذهبيَّة الّتي يراد لها أن تكون طابع المرحلة في العالم العربيّ والإسلاميّ.
جاء ذلك في حفل إفطار أقامه مجلس أصدقاء مبرة الإمام الخوئي في المبرة في الدوحة. وجاء في كلمة السيد فضل الله: “نلتقي مجدداً في رحاب هذا الشّهر، حيت نتظلَّل برحمته وعطاءاته وفضله وكرمه وإحسانه؛ نلتقي هنا لنؤكّد هذه القيمة الّتي نحملها معاً؛ قيمة الإنسان الّذي نحرص على أن نخرجه من كلّ المعاناة التي يعيشها، ومن كلّ آلامه وجراحاته التي قد يعانيها. نلتقي معاً من أجل أن نعمل للتخفيف من مآسي الذين عصفت بهم الأيام، فكانوا أيتاماً وفقراء ومعوذين ومعوَّقين، لا يملكون ما يسدّ رمقهم، ويحتاجون إلى أيد حنونة ومعطاءة تبلسم جراحاتهم وتخفّف من معاناتهم”.
وتوجه سماحته بالشكر والامتنان إلى مجلس أصدقاء مبرة الإمام الخوئي، مثمناً حرصهم على أن يكونوا أصدقاء أوفياء يعيشون الصداقة بعمقها. وقال: “لقد استطعتم أن تقدموا أنموذجاً في عنوان الصداقة، تجلى في كل هذه المشاريع والنصائح والإرشادات والمبادرات التي قدمتموها من أجل رفع مستوى هذه المبرة”.
وتابع: “إن جمعية المبرات كانت حريصة على الاحتفاظ بالأصدقاء، باعتبارهم قيمة كبيرة، وحريصة على تنوعهم وعلى التواصل مع الجميع، بعيداً عن أي حواجز مصطنعة تقف في وجهها أو تمنعها من هذا الانفتاح والتواصل، الذي هو عنوان الرسالة التي تحملها. ولعلّ وجودكم هو خير دليل على أن أصدقاءها يمثلون كل الوطن بمختلف طوائفه وتنوعاته وتلونه.
ومن هنا، وانطلاقاً من المبادئ التي أسست عليها جمعية المبرات، كنا وما زلنا ندعو اللبنانيين إلى الخروج من المغاور والمحاور الطائفية، ومن سجون المذهبية، ومن العصبيات والحساسيات الّتي يعيشونها، والَّتي يراد لها أن تكون طابع هذه المرحلة الصعبة والمعقدة التي يعيشها واقعنا العربي والإسلاميّ، وندعوهم إلى أن ينفتحوا على بعضهم البعض، بعيداً عن المجاملات أو التعايش الكاذب الّذي نعيشه في بعض الحالات، لأننا نحرص دائماً على هذه الصورة الجامعة لكل أطياف التنوّع الموجود في هذا الوطن”.
ولفت سماحته إلى أن ما نشهده من ظواهر عنفية ودموية، هي بعيدة كل البعد عن الدين الإسلامي وكل الأديان الأخرى، فهي لا تنتمي إلى قيمها ومبادئها، وهدفها إسقاط هذه الأديان والرسالات السماوية، حتى نفقد كل هذا التاريخ المشرق وهذه الحضارة الغنية، ونفقد كلّ أصالة ماضينا وحاضرنا وحتى مستقبلنا.
وأشار إلى أنَّ هذه الظواهر التي نعيشها طارئة وغير متجذّرة في تاريخنا وحضارتنا وثقافتنا، ويعود سبب تناميها إلى تمزقنا الذي يستغله أعداء الأمة في مشاريع التقسيم ورسم خرائط جديدة للمنطقة تحت عنوان مختلفة.
وختم سماحته قائلاً: “إننا على ثقة بأن المستقبل سيكون للوحدويّين الّذي يحملون همّ هذه الأمّة. ومن هنا، مسؤوليّتنا جميعاً العمل على تعميق هذه الوحدة وتعزيزها، من خلال التّواصل والتّحاور والانفتاح فيما بيننا على مختلف المستويات، ولا سيّما في المواقع السياسيّة، وأن نقدم التنازلات لبعضنا البعض، ليسلم هذا الوطن ويسلم إنسانه، وأن نحصنه من كلّ هذه العواصف الّتي تهبّ عليه، حتى نستطيع تجاوز هذه المرحلة بأقلّ الخسائر والضّرر”.