أقامت جمعية المبرات الخيرية حفلا تأبينيا لتكريم ذكرى المرحوم الحاج علي حسين الذي أقيم في قاعة الزهراء بمسجد الإمامين الحسنين، وحضره جمع غفير من محبي الفقيد وزملائه وأفراد عائلته.
بداية قدم الحفل مدير مدرسة الإمام علي السيد عباس ترحيني الذي أشاد بالفقيد باعتباره “ركيزة أساسية في جمعية المبرات الخيرية، مكرسا حياته لتربية الأجيال وتعزيز القيم النبيلة”.
ثم كانت كلمة رئيس جمعية المبرات الخيرية سماحة العلامة السيد علي فضل الله والتي جاء فيها:
“يعزّ عليّ أن أقف اليوم بينكم لأؤبّن من عاش السّيّد فضل الله (رض) في عقله وقلبه ومشاعره وأحاسيسه، وتمثّله في سلوكه وأخلاقه وفي انفتاحه وحواريّته وفي محبّته للنّاس، كلّ النّاس وفي مشاركته في كلّ آفاقه وتطلّعاته في هذه الحياة…
وأضاف: لقد كان السّيّد فضل الله بالنّسبة له أخًا وأبًا ومرجعًا ومرشدًا، واكبه منذ أن جاء إلى لبنان واستوطن في النّبعة الّتي كانت منطلق العمل الرّسالي منه ولم يفارقه فكرًا وجسدًا وبقي معه حتّى الرّمق الأخير من حياته…
وتابع: وبعد وفاته كان وفيًّا له في استمراره بالعمل لخدمة النّاس وللمشروع الرّسالي وفي خدمة النّاس الّذي عمل له وأفنى حياته لأجله، وكان يرى أنّ الحياة فرصة منحها الله له ليؤدّي فيها دوره في هذا المشروع الإلهي، وأنّ قيمتها بمقدار ما يزرع فيها من جهده وعمله لخدمته ليكون له زادًا يوم يقف بين يديّ ربّه.
لقد آمن الحاج أبو رضوان إيمانًا عميقًا وواعيًا بالإسلام الّذي تربّى عليه ورأى خياره في المنهج الّذي رسمه السّيّد (رض) ، الإسلام الّذي يستمدّ جذوره وعمقه ومفاهيمه من كتاب الله وسنّة رسوله (ص) وسيرة أئمّة أهل البيت (ع)، الإسلام العقلاني المنفتح على الحياة الّذي يدعو إلى مدّ جسور التّواصل مع الآخرين لا القطيعة مع من يختلف معهم، والّذي يرى الحوار طريقًا لمن يؤمن بلغة الحوار.
وأشار إلى ان زَرْع الحاج أبو رضوان في الحياة وفيرًا من خلال ما قدّم وأعطى في هذا الاتجاه… وهو عبّر عنها من خلال الكلمة الّتي كان يتقن رصفها والتّعبير عنها، وهو من عرفته المنابر وشهدت له بأنّه صاحب الكلمة الصّادقة والواعية الّتي توقظ الحياة في القلوب والعقول والنّفوس وتدفع إلى حبّ الخير والعمل به وتعزيز من أدخل إلى النّفوس أواصر المحبّة والعزّة والكرامة.
وكانت كلمته تعبيرًا عن إيمانه بقضايا أمّته، فكانت في مواجهة كلّ ما يتهدّدها على الصّعيد الخلقيّ والإيمانيّ ومن يريدون السّيطرة على مقدّرات الشّعوب وثرواتها والنّيل منها وفي الوقوف مع الحقّ والعدل والحريّة للنّاس جميعًا بعيدًا عن طوائفهم ومذاهبهم ومواقعهم السّياسيّة.
ولفت إلى انه لم يجامل في ذلك أحدًا وبقي على هذا الموقف إلى آخر حياته لا يخاف في الله لومة لائم… لقد تركت كلماته هذه صدى في كلّ محفل كان فيه، وهنا وبالمناسبة ندعو أن تبقى وتدوّن لتكون نبراسًا للأجيال من بعده. وعلى صعيد العمل حرص أن يختار التّعليم عملًا له ومهنة لإيمانه لدور التّعليم وأثره لكونه أشرف الأعمال وقد استطاع ويشهد له بذلك كلّ من تخرّج من تحت منبر علمه أن يزرع في تلامذته حبّ العلم الممزوج بالمحبّة والسّماحة وبالمسؤوليّة والمبادرة، والمتطلّع إلى العدل وعمل الخير والالتزام بمكارم الأخلاق ما ترك في نفوسهم الأثر الكبير في بناء شخصيّاتهم إيمانيًا وأخلاقيًا وعلميًا….
وقد أضاف إلى سجلّه الحافل أن يشارك في مؤسّسات الخير الّتي أسّسها السّيّد (رض) فقد كان راعيًا لشؤون الأيتام مهتمًّا بشؤونهم وتأمين احتياجاتهم فكانوا يجدون عنده الأبوة الّتي افتقدوها وحنان الأم تشهد على ذلك إدارته لمدرسة ومبرّة الامام علي (ع) الّتي كان له دور في جعلها من المدارس المتميّزة على صعيد المنطقة وفي إطار جمعيّة المبرّات الخيريّة.
كان يعي أهميّة هذا الدّور وما أثمره من بركات على صعيد مجتمعنا والّذي نشهده اليوم في كلّ الأيتام الّذين تخرّجوا والّذين أصبحوا فاعلين في مجتمعهم بعدما كان يمكن أن يكونوا مشكلة للمجتمع لو لم تتوفّر لهم الرّعاية…
ولم يقف دوره عند حدود كلّ ما قام به، كلّ ذلك كان إخلاصه لأهالي بلدته صلحا الّتي اضطر أن يغادرها بعدما احتلّها العدوّ الصّهيونيّ فكان سندًا وعضدًا عاملًا وفاعلًا في الجمعيّة الّتي كان لها دور في إنشائها لتؤدّي دورها، وفي وقوفه مع فلسطين والمقاومة ومع الّذين أرادوا أن يكون هذا الوطن قويًا في مؤسّساته وفي مواجهة العدو وكلّ من يريد أن يفقده عزّته وحريّته وكرامته.
ولم ينس الحاج وسط كلّ ذلك أسرته الّتي رباها على الإيمان والتّقوى والجهاد والتّضحية وبالغالي والنّفيس من أجل الوطن وإنسانه ليكون كما أراده عزيزًا حرًّا كريمًا قويًّا يقف مع كلّ قضيّة حقّ وعدل، ونحن على ثقة بأنّ من عاش بعده سيمثّلونه خير تمثيل في أخلاقه وعلمه وعطائه وجهاده، وأنّهم سوف يتابعون مسيرته في كلّ المواقع الّتي كان فيها ولن يوفّروا جهدًا في هذا الطّريق.
وختم بالقول: لقد ترك الحاج علي حسين فراغًا كبيرًا في كلّ المواقع الّتي شغلها حيث تفتقده اليوم ساحات العلم والمعرفة في المؤسّسات التّربويّة وساحات العطاء والعمل في السّاحات الاجتماعيّة، ومنابر التّربية والثّقافة في بيروت والجنوب والبقاع، يفتقده الأيتام وكلّ السّاعين لخدمتهم، ونفتقده ركنًا من أركان جمعيّة أسرة التّآخي وجمعيّة المبرّات الخيريّة الّتي كان عضوًا فاعلًا رائدًا في عمله وفي جمعيّة صلحا وكلّ المواقع الّتي تصدّر بها”.
كلمة نجل الفقيد، الأستاذ أسامة علي حسين تحدث بكلمات مؤثرة، واصفًا والده بالأب الحنون، الأديب المفوه، المنبري الفذ، والكاتب الحذق. واستعرض مسيرة عطاء والده التي امتدت لعقود في خدمة الإسلام والأيتام من خلال جمعية المبرات الخيرية، مؤكدًا أنه كان من أوائل المؤسسين لجمعية أسرة التأخي، وكان ثقة للسيد محمد حسين فضل الله.
كلمة الإدارات في المؤسسات التعليمية والرعاية للمبرات ألقاها مدير ثانوية الإمام جعفر الصادق الأستاذ محمد نصر الله استعرض فيها مسيرة الفقيد كمدير سابق ومؤسس لمبرة ومدرسة الإمام علي عليه السلام في بلدة معروب، ومسؤول لاحقًا عن علاقات المبرات في الجنوب. وأكد على أن سنوات حياته عُجنت في كنف السيد محمد حسين فضل الله وجمعية المبرات الخيرية، وأنه كان دائمًا حاملًا للأمانة وسائرًا على خطى السيد.
ووصف الفقيد بأنه كان بحرًا من العطاء، يتسع قلبه بالمحبة للناس، ويرى في العمل عبادة.
إرث باقٍ
لقد ترك الحاج علي حسين فراغًا كبيرًا في ساحات العلم والمعرفة، والعطاء والعمل، والتربية والوعي والثقافة، في بيروت والجنوب والبقاع، وفي كل ربوع الوطن. الخيرية.

المؤتمر التربوي الرابع والثلاثون لجمعية المبرّات الخيرية : “التوازن بين الريادة في التربية والتعليم وإدارة الأزمات”
نظمت جمعية المبرّات الخيرية اليوم الرئيسي للمؤتمر التربوي الرابع والثلاثين “التوازن بين الريادة في التربية والتعليم وإدارة الأزمات” الذي انعقد … Read More