تستفحل الأزمة الاقتصادية والمعيشية، التي يرزح تحتها لبنان يوماً بعد يوم، مخلِّفة مزيداً من الكوارث الاجتماعية والمعيشية، حيث دخلت البلاد في نفق أسود منذ أربعة أشهر، وسط توقّعات بأن تمتدّ الضائقة المالية لسنوات، تجعل الفقير الذي يستنجد بالدولة العاجزة والمفلسة في دوامة بؤس قاتلة. وحدها، أعمال الخير التي تقوم بها الجميعات الخيرية وأصحاب القلوب البيضاء، تخفّف من وطأة الفقر والعوز وتترك بقعة ضوء على مشهديتنا القاتمة.
القبس توجّهت الى جمعيات خيرية عريقة في عملها الإنساني؛ لتستطلع أوضاعها وشؤونها.
نسبة البطالة القياسية وانخفاض القدرة الشرائية مع انخفاض قيمة الليرة، وارتفاع الأسعار وتفلتها.. كل ذلك شدّ الخناق على رقاب البنانيين، تزامناً مع انهيار كلّي لنظام شبكة الأمان الاجتماعي المترهّل أصلاً. وبينما تسعى «الدولة» الى إيجاد مخرج لأزمتها المالية، يبحث المواطن عمن ينجده لتأمين حاجاته الأساسيات المطلوبة للصمود.
الجمعيات الخيرية هي نافذة الأمل في بحر الأزمات المتلاطمة، وما زالت تعمل، وإن بشق الأنفس، حيث باتت تقوم مقام الدولة في رعاية أبنائها. ولكن كيف تستمر هذه الجمعيات، التي تؤمِّن جزءاً من تمويلها من الحكومة في حين الجزء الأكبر يقوم على تبرّعات المحسنين؟ وهل ما زالت قادرة على العطاء مع تزايد أعداد الفقراء؟!
«المبرَّات»: نجهد للاستمرار
جمعية المبرّات الخيرية سعت، ومنذ نشأتها في عام 1978، للتخفيف من وطأة الحرمان واليتم والعوز، والإعاقة، عن طريق مؤسساتها المختلفة على امتداد الأراضي اللبنانية.
يوضح المدير العام للجمعية الدكتور محمد باقر فضل الله ظروف عمل جمعية المبرّات الخيّرية، وكيف تجهد للاستمرار في التزاماتها حيال أكثر من 4605 أيتام في مؤسساتها الرعائية العشر، و624 تلميذاً من ذوي الإعاقات البصرية والسمعية واضطرابات اللغة والتواصل في مؤسسة الهادي. كما تقدّم الجمعية التعليم لحوالي 23 ألف تلميذ في مدارسها العشرين الأكاديمية والمهنية المنتشرة في لبنان، إلى جانب دمج أكثر من 1484 تلميذاً من ذوي الاحتياجات الخاصة.
مراكز صحية للمسنين
وتوفّر «المبرّات» الخدمات الطبية والغذائية والإقامية لعشرات المسنين المقيمين في دور للمسنّين، كذلك تؤمّن المساعدات لعشرات المسنين في منازلهم، من أدوية ولوازم طبية ومساعدات مالية. وتقدّم من خلال مراكزها الصحية خدمات التشخيص والعلاج والتأهيل للمواطنين. وقد بلغ عدد المستفيدين 77190 في عام 2019، فضلاً عن تقديم الرعاية الصحية للأطفال الذين يعانون الأمراض المزمنة والسرطان والتشوّهات الخلقية، من خلال صندوق الفرح، في مستشفى بهمن، الذي يسهم في تحمّل تكاليف علاجهم.
ويشيد فضل الله بتبرّعات دولة الكويت للجمعية، قائلا انه حين تعرّضت بعض مؤسسات المبرات في جنوب لبنان للدمار خلال حرب تموز 2006، قدّم سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد مكرمة أميرية لبناء إحدى المؤسسات المدمّرة، وهي مبرة الإمام علي لرعاية الأيتام.
تبرُّعات عينية
وأمام هذا الواقع، لم تتخلَّ «المبرّات» عن دورها الخيرّي، بل سعت إلى التخفيف من وطأة هذا الواقع، من خلال مبادرات خيريّة متعددة، ومنها معرض العطاء الذي يستقبل التبرّعات العينية (ألبسة، مواد غذائية، واحتياجات أساسية)، ويقوم بتوزيعها على المحتاجين والفقراء في المناطق الأكثر فقراً، إلى جانب توزيع مواد التدفئة للأسر المحتاجة في المناطق الجبلية.
ويوضح فضل الله أن تداعيات الواقع الاقتصادي الصعب في لبنان فرضت وضعاً مأزوماً مع إغلاق الكثير من المؤسسات التجارية وصرف الموظفين من عملهم، فضلاً عن زيادة نسب الطلاق والانتحار وارتفاع معدلات الجريمة والهجرة، ما أدى بالنتيجة إلى ازدياد أعداد العائلات المعوزة التي تحتاج المساندة وتقديم يد العون والدعم على أكثر من صعيد، داعيا الجميع الى حماية هذه المؤسسات واحتضانها أكثر من أي وقت مضى.
المصدر: موقع صحيفة القبس الالكترونية