خسرت دائرة التربية في كلية الآداب والعلوم إحدى خريجيها ، السيدة رنا إسماعيل ، التي توفيت في 7 سبتمبر 2022 بعد معركة شجاعة مع نوع عدواني من السرطان. تخرجت السيدة رنا مرتين من الجامعة الأميركية في بيروت. بداية حصلت على شهادة جامعية في الهندسة ثم حصلت على درجة الماجستير في التربية ، لتشكّل مسارها المهني المتميز لاحقاً كمديرة مدرسة وقائدة تربوية.
نتذكرها بكل فخر كخريجة قسم التربية لأنها جسدت ملامح الخريجة الذي نطمح إليها: رائدة للتغيير وقائدة تحويلية تعمل على تحسين المدارس والتعلّم ، ويتضح تأثيرها من خلال الإنجازات التي لا تعد ولا تحصى التي سعت من خلالها جاهدة لخدمة مهنتها ومجتمعها وبلدها. كانت رنا تربوية نموذجية ومثل يحتذى في مهنة نبيلة تجعلنا جميعًا ، أعضاء هيئة التدريس والخريجين والطلاب في دائرة التربية فخورين بما حققته وبالقيم المهنية التي عكستها في كل ما قدمته..
كانت رنا إسماعيل رائدة التغيير، عملت بلا كلل لجعل الأفكار الجريئة حقيقة واقعة من أجل إنشاء نظام تعليمي أكثر إنصافًا وفعالية. من خلال دورها كمديرة مدرسة الكوثر ونائبة مدير شؤون التعليم في جمعية المبرات ، كانت من الرواد القلائل الذين استطاعوا ترك بصمة مميزة على القطاع التربوي في لبنان على المستويين الاستراتيجي والعملي. خلال خمسة وعشرين عامًا ، أنشأت رنا وقادت مؤسسة تعليمية تجسّد أفضل الممارسات التعليمية المكرّسة لتوفير خدمة متميّزة لكل طفل بغض النظر عن خلفيته الاجتماعية والاقتصادية وقدراته التعليمية. من خلال ذلك ،برهنت كيف يمكن للتعليم أن يستجيب لاحتياجات كل طالب ولتحديات التجديد التي يفرضها هذا القرن. نجحت رنا في أن تُظهر لزملائها التربويين كيف يمكن تحقيق التعليم الجامع و التطوير المهني المستمر، والفعالية المؤسساتية، والإدارة التشاركية والشراكة مع المجتمع. إنجازات لا تزال بعيدة المنال لمعظم مؤسساتنا التي تفتخر بالتعليم الجيد الذي تقدمه..
كجزء من سعيها للتميّز ، انضمت رنا مع فريق من مدرسة الكوثر إلى مشروع تمام منذ بداياته وساهمت بشكل كبير كممارسة تربوية في تصميماته المستندة الى الأبحاث. ونتيجة لجهودها اصبحت الكوثر واحدة من المدارس التي جسّدت رؤية المشروع لمدرسة مجتمعية متجددة ذاتيًا لها مساهمتها ضمن شبكة من التربويين الذين يحملون راية التغيير لتحسين التربية في المنطقة العربية. كان لرنا أيضاً تأثيرها الممتد خارج المؤسسة التي كرّست حياتها لخدمتها ، من خلال خدماتها التربوية التطوعية وعملها الدؤوب مع اللاجئين والمجتمعات المهمشة في جميع أنحاء المنطقة العربية ، مؤكدة من خلال أعمالها وأفعالها أن التعليم حق انساني للجميع..
هزمت رنا إسماعيل الوقت بالتزامها الدؤوب بالقضايا التربوية المحقّة وما حققته في حياة واحدة يحتاج الآخرون حيوات كثيرة لإنجازه. لم تتعب قط من عبور المسافات بسرعة كبيرة جاعلة مقياس عمرها بحجم ما قدمته وما بذلته وليس بعدد السنوات التي عاشتها..
سيستمر إرث رنا في ذاكرة الكثيرين من خلال الإنجازات التي حققتها، والإمكانات التي رعتها عند كل من عمل معها والبصمة التي تركتها في حياة كل من التقى بها. لقد تركت وراءها مؤسسة نموذجية ، والعديد من القادة التربويين الذين قامت بتوجيههم ، الملتزمون بمواصلة الرسالة المهنية التي خدمتها من كل قلبها.