ندوة حوارية للمبرّات بعنوان “القيادة التربوية ودور الفاعلين في ترسيخ الريادة في زمن الأزمات”

Share on facebook
Share on twitter
Share on print

نظّمت جمعية المبرّات الخيرية ندوة حوارية بعنوان “القيادة التربوية ودور الفاعلين في ترسيخ الريادة في زمن الأزمات”، وذلك ضمن فعاليات المؤتمر التربوي السنوي الرابع والثلاثين، المنعقد تحت شعار: “التوازن بين الريادة في التربية والتعليم وإدارة الأزمات”.
أدار الندوة مدير ثانوية الإمام الحسن الأستاذ فايز جلّول، بمشاركة عدد من الشخصيات الأكاديمية والخبراء التربويين، حيث ناقشوا القضايا الملحّة التي تواجه المؤسسات التعليمية في ظل الأزمات المتكررة، من صحية واقتصادية وتكنولوجية، وما تفرضه من تحديات على كل من العملية التعليمية والدور التربوي الأعمق.
نانسي الموسوي: التربية أولًا… والصدمات النفسية خطر موروث
افتتحت الدكتورة نانسي الموسوي (أستاذة في كلية التربية – الجامعة اللبنانية) مداخلتها مؤكدة على أن الأزمات، على اختلاف أشكالها، تُلقي بظلالها الثقيلة على البنية النفسية والاجتماعية للتلامذة والمعلمين على حدّ سواء. وقد تناولت بالتفصيل مفهوم “التوازن بين التربية والتعليم”، مشيرة إلى أن هذا التوازن لا يُقاس فقط بمدى تحقيق الأهداف المعرفية، بل بقدرة المؤسسة على احتضان المتعلم ككائن إنساني يمر بظروف ضاغطة.
سلطت الموسوي الضوء على جائحة كورونا كنموذج عالمي لأزمة كشفت هشاشة الكثير من الأنظمة التعليمية، وأظهرت أن فعالية التعليم من بُعد كانت مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالحالة النفسية للمتعلمين وأسرهم، حيث أدّت الضغوط إلى ظهور حالات من القلق والاكتئاب والصدمات النفسية.
وقدّمت قراءة علمية عميقة لأثر الصدمات على بنية الدماغ، والوظائف التنفيذية، والذاكرة، مشيرة إلى أن بعض هذه التغيّرات قد تكون دائمة، بل وموروثة. فتجارب الطفولة القاسية تترك أثرًا بيولوجيًا يمكن أن ينتقل جينيًا إلى الأجيال التالية، في ما يُعرف بـ”توريث الصدمات”.
وأكدت الموسوي أن التخطيط التربوي لا بد أن يسبق الأزمة، ولا يقتصر على الاستجابة اللحظية، بل يشمل بناء منظومات دعم نفسي واجتماعي متكاملة، تتعامل مع المتعلمين كوحدات إنسانية شاملة لا مجرد متلقّين للمعلومة.

مروان ترزي: الذكاء الاصطناعي… بين وعود الريادة ومخاطر الانهيار التربوي
في مداخلة محفّزة للنقاش، عرض الأستاذ مروان ترزي (مدير وحدة الرؤى التنموية والحلول الإبداعية في مركز التعليم المستمر – جامعة بيرزيت) رؤيته للتحديات التي يفرضها الذكاء الاصطناعي على النظام التعليمي، مؤكّدًا أن هذه التكنولوجيا الناشئة تحمل وعودًا كبرى لكنها أيضًا تحمل مخاطر أخلاقية وتربوية إن لم تُضبط.
أشار ترزي إلى أن الذكاء الاصطناعي قادر على إحداث ثورة في طريقة التعليم، ونماذج التعلّم، والإدارة التربوية، حيث يمكنه تخصيص المحتوى وتكييفه حسب حاجات المتعلم، وتقديم بيئات تعلم تفاعلية.
لكنه في المقابل، حذّر من التحيّز الخوارزمي، وفقدان المعنى الإنساني للتعلّم، والمخاطر المتعلقة بالخصوصية وغياب الشفافية، خصوصًا مع غياب إطار قانوني أو تربوي يُنظّم استخدام هذه التكنولوجيا.
وختم بالقول إنّ الريادة في التعليم لن تتحقق فقط عبر التقنيات، بل عبر وجود قيادة تربوية قادرة على تبنّي أدوات المستقبل ضمن رؤية إنسانية نقدية تضع المتعلم في المركز، وتحمي القيم الأخلاقية في بيئة التعليم.

عبد المجيد حدّاد: استمرارية الأعمال مفتاح المرونة التعليمية
قدّم المهندس عبد المجيد حدّاد (الشريك الإداري في مجموعة الإدارة المستدامة SMG ) مداخلة غنية بالبعد الاستراتيجي، بعنوان: “القيادة في زمن الأزمات: استمرارية الأعمال ضرورة استراتيجية لمستقبل تعليمي مرن”، حيث ناقش مفهوم استمرارية الأعمال كمقاربة متكاملة تهدف إلى حماية التعليم من الانهيار عند مواجهة الأزمات.
وأوضح أن استمرارية الأعمال ليست مجرد خطة طوارئ، بل هي منظومة استراتيجية تضمن استمرار تقديم التعليم بجودة وكفاءة، في وجه كل أشكال الاضطرابات.
وطرح إطارًا عمليًا من ست خطوات لبناء مؤسسة تعليمية مرنة، تشمل: التخطيط الاستباقي، تحديد الأدوار والمسؤوليات، حماية الخدمات الأساسية، التعافي السريع، تمكين الكادر البشري، التحسين المستمر.
كما دعا المؤسسات التربوية إلى اعتماد معايير دولية مثل ISO 22301 لأنظمة إدارة استمرارية الأعمال، والعمل بمنهجيات قائمة على التفكير بالمخاطر، تشمل الأشخاص، والعمليات، والتكنولوجيا، والبنية التحتية.
وأكد حدّاد أن القيادة التربوية في زمن الأزمات يجب أن تتحوّل من حالة ردّ الفعل إلى بناء مرونة استباقية تحفظ رسالة التعليم، وتحمي المؤسسة من الانهيار المعنوي والعملي في الأوقات الحرجة.
خلاصة وتوصيات الندوة
في الختام: أكدت الندوة على أهمية الصحة النفسية والدعم الاجتماعي كأساس لنجاح التعليم في الأزمات، مشيرة إلى أن الصدمات النفسية تؤثر على المتعلمين والكوادر التعليمية، ويجب توفير دعم نفسي متكامل لهم.
تم التأكيد على دور الذكاء الاصطناعي كأداة داعمة يجب استخدامها ضمن ضوابط أخلاقية وتنظيمية تحفظ الدور الإنساني للتربية، مع ضرورة استثمار التكنولوجيا بشكل مدروس.
كما تم التأكيد على أن استمرارية الأعمال ضرورة استراتيجية لبناء مؤسسات تعليمية مرنة، من خلال التخطيط الاستباقي، حماية الخدمات الأساسية، وتعزيز قدرات الكوادر.
ولعبت القيادة التربوية دورًا محوريًا في إدارة الأزمات عبر تعزيز المرونة، اتخاذ القرارات الفعالة، وتحفيز بيئة تعليمية إيجابية.
أوصت الندوة بضرورة تبني نموذج تربوي متكامل يدمج المعرفة والدعم النفسي والابتكار، مع تحديث المناهج وتعزيز مشاركة الأهل والمجتمع.

اأخبار ذات صلة

المؤتمر التربوي الرابع والثلاثون لجمعية المبرّات الخيرية : “التوازن بين الريادة في التربية والتعليم وإدارة الأزمات”

نظمت جمعية المبرّات الخيرية اليوم الرئيسي للمؤتمر التربوي الرابع والثلاثين “التوازن بين الريادة في التربية والتعليم وإدارة الأزمات” الذي انعقد … Read More

Translate »