فضل الله في إفطار المبرات: كل تشريع يخالف المحبة والرحمة يضرب به عرض الحائط

Share on facebook
Share on twitter
Share on print

أقامت جمعية المبرات الخيرية حفل إفطارها السنوي في مجمع الكوثر ومبرة السيدة خديجة الكبرى، في حضور النائب علي بزي ممثلا لرئيس مجلس النواب نبيه بري، الوزير غازي زعيتر ممثلا رئيس الوزراء تمام سلام، الرئيس حسين الحسيني، الأب عبدو أبو كسم ممثلا البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، الشيخ بلال المنلا ممثلا المفتي عبد اللطيف دريان، الشيخ علي زين الدين ممثلا شيخ طائفة الموحدين الدروز نعيم حسن، وزير الصناعة حسين الحاج حسن،السفير الايراني محمد فتحعلي، النائبين علي عسيران والوليد سكرية، ممثل عن رئيس حزب الكتائب سامي الجميل، ممثلين عن قائد الجيش ومدير عام قوى الأمن الداخلي ومدير عام الأمن العام، قائد جهاز أمن السفارات العميد وليد جوهر، نائب حاكم مصرف لبنان رائد شرف الدين وشخصيات. 

باقر فضل الله
افتتح الحفل بكلمة لمدير عام جمعية المبرات محمد باقر فضل الله أكد فيها على “استقلالية المبرات في قرارها”، قائلا: “لا زالت المبرات منذ تأسيسها لم ترتبط ولم تنتم إلى أية جهة سياسية أو حزبية داخلية أو خارجية، مع احترامنا لكل الجهات والمكونات السياسية وتوجهاتها”.

أضاف: “جمعية المبرات جمعية خيرية تنموية إنسانية تعمل لخدمة الناس كل الناس من دون تمييز عرقي أو طائفي أو مذهبي أو فئوي. لقد ساهمت ولا زالت تساهم في تحقيق الاستقرار الاجتماعي من خلال مؤسساتها التي تضم ما يزيد عن خمسة آلاف موظف. وهي تحتضن هذا العام أربعة آلاف ومئتي يتيم، وقد خرجت آلاف الأيتام منذ انطلاقتها، كما تحتضن ستماية وأربعين من ذوي الإعاقات، وألفا وأربعماية من ذوي الصعوبات التعلمية ومئتين من المسنين. كما تقدم المبرات مساعدات اجتماعية وصحية من خلال مراكز صحية واجتماعية”. 

ولفت إلى أن “نفقات رعاية الأيتام والمعوقين والمسنين بلغت في العام الماضي ثمانية عشر مليون وثمانماية ألف دولار أميركي، ومساعدات مدرسية اجتماعية بقيمة مليارين وسبعماية مليون ليرة لبنانية، ومساعدات صحية بقيمة مليار وأربعماية مليون ليرة لبنانية. يضاف إلى هذه النفقات سد عجز بعض مدارسها في المناطق، هذه المدارس التي تقدم تعليما نوعيا وبجودة عالية. وبالمناسبة فإن المبرات تعمل جاهدة على أن يحصل اليتيم والمعوق على حقه في تعليم عالي الجودة وعلى نحو متساوٍ ومتكافئ مع أفراد المجتمع الميسورين”. 

وأوضح فضل الله ان “الجمعية انفتحت على المؤسسات المتنوعة في لبنان من مدارس وجامعات ومراكز ثقافية لبنانية وأجنبية ومنظمات دولية، وأسست برامج شراكة مع العديد منها وأقامت أنشطة مختلفة لتلامذتها بالمشاركة مع مؤسسات من أديان ومذاهب أخرى، وذلك تأكيدا لمبدأ الحوار وتعزيز التواصل واختبار العلاقة الإيجابية مع الآخر”. 

وتطرق إلى “المشاريع الجديدة التي سوف يتم تدشينها قبل بداية العام القادم، كافتتاح مبرة الحوراء في رياق – علي النهري والتي سوف تستقبل الأيتام مطلع العام الدراسي الجديد، وافتتاح مركز السيدة زينب الصحي الاجتماعي في بلدة جويا والذي سيشتمل على دار للمسنين مكملا دار الأمان في بلدة العباسية، بالإضافة إلى وضع الحجر الأساس لبناء مبرة الإمام الرضا في النبطية، وشراء مركز للقسم الداخلي في مؤسسة الهادي في الدوحة مقابل مبرة الإمام الخوئي يستكمل بناؤه، وعلى المستوى التعليمي إعداد برامج التربية الإبداعية للموهوبين استنادا إلى أحدث ما توصلت إليه الأدبيات العالمية في هذا السياق وانسجاما مع الأساليب التربوية المرتكزة على منظومة قيم الرسالة الأصيلة”. 

علي فضل الله
بعد ذلك كانت كلمة لرئيس جمعية المبرات السيد علي فضل الله شكر فيها الحضور “على مشاركتهم في هذه المأدبة الرمضانية، وعلى كل ما قدموه وما يقدموه في سبيل دعم مسيرة المبرات”، مشيرا الى أن “الحكمة التي أرادها الله من الصيام، هي أن يشعر الأغنياء بمعاناة الفقراء من حولهم، حتى يدفعهم هذا الشعور إلى إيقاظ إنسانيتهم إزاء آلام الناس، والتي قد يكون أفضل تعبير عنها هو الدعاء الّذي ينبغي أن يقرأ في كلّ يوم من شهر رمضان”. 

وأشار إلى “أن سبب كل ما نعانيه في هذا العالم، هو تبلد المشاعر وفقدان الإحساس بالإنسان الآخر وقساوة القلوب، حتى صارت المأساة والألم والمعاناة لا تترك فينا أي أثر”، مضيفا: “صار من مفردات السياسة والإعلام، أن يعمل البعض لتسليط الضوء على مآس هنا وإثارة الضجيج هناك، لا لحسابات إنسانية، بل لأجل واقع سياسي، أو آخر طائفي ومذهبي أو قومي، واقع يفرق بين ألم لهذه الفئة وألم لتلك، وبين معاناة ومعاناة، ومدنيين ومدنيين، وعندها لن يكون الموقف إنسانيا بل عصبويا وفئويا، فالإنسانية لا تتجزأ، وليس هناك في القلوب صيف وشتاء على صعيد واحد”. 

وقال فضل الله: “إن السبيل الأول لإنهاء الأزمات هو أن نعيد إنتاج الإنسانية في الإنسان، وأن نستنفر الجهود لأجل ذلك، أن نعيد إلى الأديان أنسنتها، أن نؤكد أن الإله الذي على اسمه ولأجله تسنزف كل هذه الدماء وترتكب الفظائع، ليس هو الله، بل هو آلهتهم التي تعبد من دون الله الرحمن الرحيم، لأن الله هو المحبة، وأن نعيد الاعتبار إلى الدين، الذي جاء وجل همه أن يدعو إلى السلام، أن نعيد إلى الدين معاني المحبة والرحمة والرفق كبديل من منطق الكراهية والقسوة والعنف، أن تكون هذه المعاني هي الحاكمة على أيّ فتوى أو قرار يخالفها”. 

وأكد أن “كل تشريع يخالف المحبة والرحمة والرفق يضرب به عرض الحائط، وهذا لا يعني بالمطلق إلغاء القسوة والعنف، بل أن نضعهما في مواقعهما، وكاستثناء، وكما وجهنا الدين، وعندها لن يكون الدين مشكلة الحياة، بل صمام أمان لها، وشرط خلاص للبشرية، ورحمة لها، عندها فقط سيكون إخراج الدين من الحياة إخراجا لكل قيم الخير والحب والعطاء التي يسهر الدين على تثبيتها في الإنسان وفي المجتمع”. 

وأشار إلى أن “الحل بأن نخرج الدين من أيدي العابثين به، والذين يجيرونه لحساباتهم ويأخذونه حيث يريدون، أن نخرج الدين من فوضى الفتاوى، ومن يد الذين يفسرونه بغير علم أو مسؤولية، أن نكف عن توظيفه لمصالح شخصية وفئوية، أن لا نعتبره سلما نتسلق من خلاله على رقاب الناس، وهذا لا يتم إلا عندما تخرج المرجعيات الدينية الوازنة عن صمتها، وتتخلص من كل الاعتبارات التي تقيدها، ليكون منطقها هو منطق الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله”. 

وتابع فضل الله: “سنجد الحل عندما نخرج الدين من العشائرية التي تتعنون بالطائفية، وتجعل العلاقة بين الأديان والمذاهب هي علاقة صراع على مكاسب هذه الطائفة ونفوذ تلك، فكل فريق يريد أن يسحب البساط من تحت أرجل الآخرين، كما كانت تفعل عشائر الجاهلية، فيتحول بذلك حوار الأديان والمذاهب إلى حوار مصالح وتقاسم حصص”. 

وختم: “تعالوا نلتقي على إنساننا المعذب المتألم الذي يعاني ظلما وقهرا وعدوانا وانتقاصا في حقوقه، فمن حقه أن يعيش كما يعيش الآخرون، وأن يملك الفرص كما يملكها الآخرون، أن يتطور كما يتطور الآخرون، ما ينقصنا هو أن نقرر، أن نتحرر من عصبياتنا، أن نخرج من كل تاريخنا الدامي الذي نستحضره دائما حتى نوتر به واقعنا، أن نخرج من كل ما يقسم ويجزئ ويباعد، أن نعيد مد الجسور المنسوفة بإرادتنا، أن نرى أن ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا، أن نرى أن التنازل عن الجزئيات من أجل مصلحة الكل ليس تنازلا، بل هو مكسب للجميع، أن نعلم أن القوة لن تأتي باستنزاف بعضنا البعض، وبتوجيه البندقية إلى بعضنا البعض، بل أن يقوي بعضنا بعضا، ونقف صفا واحدا في وجه العدو الذي يريد أن يبتلع الحاضر والمستقبل، أن يبقى هو العدو، لا نستبدل به غيره، أو نهادنه لمواجهة بعضنا البعض”. 

اأخبار ذات صلة