“جمعية المبرّات الخيرية” عنوان الصمود والعطاء في زمن الأزمات مع اقتراب شهر رمضان وتزايد المحن في المجتمع

Share on facebook
Share on twitter
Share on print

منذ 43 عاماً ولا زالت جمعيّة المبرّات الخيريّة سائرة في درب رسالتها رسالة الخير والرحمة والعطاء، ماضية في طريقها طريق المعرفة والإنماء، حريصة على مبادئها مبادئ الأخلاق والقيم وبناء العقول والنفوس، متمسّكة بنهجها نهج الانفتاح والحوار والشراكة والتعاون، راعية لأماناتها أمانة رعاية أبنائها وتربيتهم تربية صالحة في بيئة آمنة توفّر لهم الاستقرار النفسي والعاطفي وتلبّي احتياجاتهم المختلفة.

وبعد أحد عشر عاما على رحيل المؤسّس العلّامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله لا تزال مؤسسات المبرّات تخرّج الآلاف من الشباب، وتعمل على تنمية الموهوبين، وتفتح أمام ذوي الصعوبات الأبواب المغلقة، وتحتضن الأبناء الأيتام ليغادروا مرارة اليتم والضياع ويدخلوا عالم التعلّم والكفاءة، فمع بداية شهر رمضان المبارك إطلالة على واقع جمعية المبرّات الخيرية، وما تقدّمه في الشهر الكريم.

إصرار على العمل

يصف مدير عام جمعية المبرّات الدكتور محمد باقر فضل الله المرحلة التي نعيشها اليوم بـ «الخطرة والحرجة والضبابية»، إلاّ أن «المبرّات ومع اشتداد الأزمات تقف أمام التحديات الجديدة لتخوض التجربة بإيمان أفراد أسرتها وجهودهم وصبرهم ومساندة أهل الخير والجود والإحسان»، مشيراً إلى أن «توالي الأزمات زاد مؤسسات المبرّات مناعة، هذه المناعة التي تأسست عملياً بالإرادة والعزيمة والإصرار على العمل، وبالتفكير الإيجابي عبر مراكمة التجارب السابقة والتعلم والتدريب والتقييم المستمر والروح الإيمانية بارتباطها وصلتها بالله الذي تستمدّ منه الصبر الجميل».

ويضيف: «أثبتت المبرات فعالية حضورها في مواجهة التحديات والشدائد، من تحدي تأسيسها ونشأتها منذ ثلاثة وأربعين عاماً من الحرب الأهلية المفروضة عام 1975، إلى أزمات الاعتداءات الإسرائيلية في التسعينيات من القرن الماضي، إلى حرب تموز 2006 حيث تهدّمت ثماني مؤسسات ونهضت بعدها المبرات متحدّية بكل قوة وعزّة وإباء لتبدأ عامها الدراسي الرعائي عصيّة على الانهزام، إلى غياب مؤسسها العلاّمة المرجع فضل الله عام 2010، إلى الوباء المستجد كأزمة صحية غير مسبوقة، والأزمة الاقتصادية والمعيشية، إلى انفجار المرفأ الذي خلّف ضحايا ومآسٍ لا يمكن تجاوز أحداثها، كل ذلك لم ولن يمنع المبرّات في الإستمرار في مسيرتها الإنسانية المكللة بالمحبة والعطاء بل دفعها للارتقاء نحو التميّز في برامجها ومشاريعها وأنشطتها، في مسيرة حافلة بالعطاء والإنجاز».

شهر رمضان في المبرّات

للعام الثاني على التوالي، تضطر جمعية المبرّات الخيرية أسوة بغيرها من الجمعيات إلى الإعتذار عن إقامة الإفطارات لكافلي الأيتام ولداعمي مسيرتها الإنسانية بسسب جائحة كورونا، وهي تقدم مع بداية الشهر الكريم لكل من رفدها بالحب والعطاء، بياناً حول حجم إنفاقها في العام (2019-2020) حيث بلغ 30,177,613 دولاراً أميركياً، توزع على رعاية كل من الأيتام، ذوي الاحتياجات الخاصة، ذوي الصعوبات التعليمية في مدارس المبرّات، وعلى توفير الرعاية الأولية وتأمين الأدوية للمرضى المحتاجين، وعلى حماية 1500 من المسنين وتقديم خدمات لهم، منها خدمات إقامية وصحية وعلاجية وغذائية في دار الأمان، وغيرها من التقديمات التي تصبّ في خدمة الناس والمجتمع.

من الناس وإلى الناس

وفي إطار البرامج الخيرية التي ولدت من رحم الأزمة الاجتماعية والاقتصادية والوبائية، تستكمل المبرّات في شهر رمضان المبارك تقديم آلاف المساعدات العينية والتموينية للأهالي في مختلف المناطق اللبنانية، إلى جانب استكمال المرحلة الثالثة من مبادرة شركة الأيتام للمحروقات تعبئة 30,000 قارورة غاز على العوائل المحتاجة بعد دعم نحو 6000 سائق من أصحاب الفانات والسيارات العمومية بمادة البنزين والمازوت. كما تعمل المبرّات في الشهر الكريم على مساندة ربّات البيوت في القرى وتشغيل أكبر عدد من الأيادي العاملة ضمن مشروع «سوق المونة البلدية» الذي يعمل على تصريف محاصيل المناطق الريفية، ويؤمّن حاجة المؤسسات الرعائية. هذا وتعمل المبرّات على استثمار أراضي المحيطة بالمخيمات الكشفية في الزراعة وبعض مساحات المؤسسات الرعائية في تربية الدواجن لمساعدة عوائل الأيتام والفقراء في الشهر الكريم.

كما كان للمبرّات العديد من المبادرات على المستوى الصحي، فهي افتتحت قسماً خاصاً لعلاج مرضى كورونا في مستشفى بهمن الجامعي، وأطلقت مبادرة صحية إجتماعية من خلال مستشفى دار الأمان لرعاية المسنين تحت عنوان «صحتك بأمان» قدمت خلالها خدمات صحية ومساعدات متنوعة لكبار السن في بيوتهم، شملت العديد من بلدات الجنوب والبقاع.

رغم الأزمات نستمر

تأكيداً على الرعاية الإنسانية المتكاملة، تعمل المؤسسات الرعائية في المبرّات على تقديم المتابعة التعليمية للأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة عبر المنصة التعليمية لتذليل مشكلات التعلّم عن بُعد، وتوفير الأجهزة الالكترونية والهواتف الخليوية لتسهيل تعلّمهم. كما تعمل المبرّات على توفير الخدمات العلاجية المطلوبة لذوي الاحتياجات الخاصة وذوي الصعوبات التعلمية بشكل مباشر، إلى جانب مساندة أسر الأيتام والفقراء ممن هم تحت رعاية المبرّات وتزويدهم بمساعدات مالية وغذائية ومساعدات تدفئة. وفي شهر رمضان المبارك تعمل على تأمين وجبات إفطار يومية للأبناء الأيتام والمعوقين والمسنين عوائلهم، إلى جانب كسوة العيد والعيدية لأكثر من 4600 يتيم ومعوق ومحتاج.

كما تسعى مدارس المبرّات الأكاديمية والمهنية إلى التكيّف التعليمي مع الأزمة الوبائية، وتحويل الأزمة إلى فرصة من خلال العمل على ضمان استمرار التعلم لأكثر من 80% من تلامذة المبرّات الذين تخطى عددهم 20 ألف تلميذ من بينهم 985 تلميذاً مدمجاً من ذوي الصعوبات التعلمية، و602 تلميذاً من المكفوفين والصم وذوي الاضطرابات اللغوية والتوحد والتأخر العقلي، ووفّرت خدمة الدعم النفسي الاجتماعي لطلاب مدارس المبرّات لتجاوز هذه الأزمة. هذا وتعمل المبرات على مساعدة الخرّيجين من مدارسها في عملية التسجيل في الجامعات من خلال مساهمات مالية في الأقساط عن طريق برنامج «جسور»، وهي أطلقت برنامج «طموح» في جامعة العلوم والآداب اللبنانية، وهو برنامج منح أكاديمية للطلاب غير المقتدرين، خُصصت من خلاله ستون منحة أكاديمية في كليات الجامعة كافة؛ تصل إلى حدود 100% .

وها هي المبرّات تستمر في عملها في هذه الأزمات على الرغم من عدم تبعيتها لأي جهة سياسية أو حزبية، بفضل دعم الخيّرين الذين يثقون بها، وهي تتوجه في هذا الشهر الكريم بالشكر والتقدير من كل الذين أغنوا مسيرتها الخيرية التنموية، ممن ساهموا في تشييد صروح البرّ في لبنان والخارج، من كافلي نفقات الأيتام الكرام، المؤسسات الرسمية والخاصة، البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية والهيئات المحلية، وكل الذين جادت أنفسهم الطيبة بالبذل وأيديهم الكريمة بالعطاء.. مؤكدين أن تبقى المبرّات مؤسسة إنسانية تعمل، باستقلالية، لخير الناس، كل الناس، دعماً للاستقرار الاجتماعي في كل أنحاء الوطن.

اأخبار ذات صلة

Translate »