تألقت احتفالات الميلاد في ضهور الشوير، بوحدة كنسية تعمّدت بالوطنية، إذ أُنشدت الصلوات الإسلامية ـ المسيحية داخل كنيسة المخلّص في البلدة. وترافق ذلك مع نشاطات كثيرة من تنظيم لجنة مهرجان عيد المغتربين في ضهور الشوير بالتعاون مع بلدية الشوير ـ عين السنديانة، وذلك بحضور وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب، الوزير السابق فادي عبود، ورئيس «جمعية المبرّات الخيرية» السيد علي فضل الله ممثّلاً بالشيخ فؤاد خريس، وقائمقام المتن مارلين الحداد، ورئيس بلدية الشوير ـ عين السنديانة حبيب مجاعص، ورئيس لجنة مهرجان عيد المغتربين في ضهور الشوير وديع عبد الأحد، وممثلي الأحزاب وعددٍ من الشخصيات السياسية والدينية والاجتماعية والوجوه الاعلامية.
بدأت هذه النشاطات بالتراتيل في كنائس البلدة الأرثوذكسية والكاثوليكية والمارونية، مع ريسيتال إنجيلي وجوقة «stereohearts»، وترانيم ميلادية مع المعهد الوطني العالي للموسيقى ـ الكونسرفتوار، وريسيتال مع الأوركسترا الهارمونية التابعة لموسيقى قوى الأمن الداخلي، بمشاركة من جوقة الحكمة ـ الجديدة و«جمعية المبرّات الخيرية»، وإداء منفرد لنسرين الحصني وشادي عيدموني، وبقيادة المقدّم زياد مراد. وأضفت هذه الترانيم على المناسبة وحدة وطنية جامعة، هدفها الأسمى توحيد اللبنانيين انطلاقاً من ضهور الشوير التي انطلقت منها شرارة توحيد الأعياد.
وألقى بو صعب كلمة بالمناسبة أشار فيها إلى أنّ ضهور الشوير بلدة الانفتاح والتواصل والأديان مجتمعة، وهي «ضيعة لبنان» الذي نحلم به والذي نريده. متطرّقاً إلى ملفّ العسكريين المخطوفين، مشيراً إلى أنّ هذا الملف بحاجة إلى حسم، ومؤكّداً أن المهادنة مرفوضة.
وإذ أعرب بو صعب عن تفهمه صرخة الأهالي، أكد الوقوف إلى جانبهم وانتظار جلسة مجلس الوزراء المقبلة للاستفسار أكثر عن الموضوع، آملاً تحرير المخطوفين قريباً.
واعتبر عبّود أن وحدتنا ستغلب الأفكار التكفيرية في العالم، وستمنعها من الدخول إلى بلدنا. ووجّه التحية إلى شهداء الجيش معزّياً أهاليهم، معتبراً الشهيد علي البزال شهيداً لكلّ لبنان مثل كلّ شهداء الجيش.
وتحدث مجاعص مشيراً إلى أنّ عيد الميلاد يرمز إلى السلام والمحبة والتواضع، مؤكداً أنّ ضهور الشوير تنشد السلام لمنطقتنا ولبنان والعالم العربي أجمع. مشيراً إلى أنّ ضهور الشوير هي بلدة الانفتاح والعيش المشترك والتآخي، ومؤكّداً وقوفها إلى جانب الجيش اللبناني دائماً وأبداً.
كما ألقى عبد الأحد كلمة مهدياً فيها الترانيم الميلادية إلى أرواح شهداء الجيش اللبناني، مشدّداً على أن الوحدة خلاصنا الوحيد من كل مظاهر التكفير والإرهاب. ومؤكّداً أهمية ثقافة العيش المشترك بين الجميع.
ثمّ أضيئت شجرة الميلاد في الساحة العامة. وزينت سماء ضهور الشوير المفرقعات النارية ابتهاجاً بالعيد، يرافقها استعراض مميز لـ«Best of Beats Parade» و«Stars production»، ما عكس روح الأعياد وأدخل الفرح إلى قلوب الصغار والكبار.
وسبق الاحتفال افتتاح معرض للنبيذ اللبناني في «ضهور بلازا» الذي فتح أبوابه أمام الحضور لمدة يومين بمشاركة عدد كبير من مؤسّسات النبيذ المحلية تشجيعاً للانتاج المحلي.
كما عُرضَت مسرحية ميلادية للأطفال عنوانها: «Peppa et Le Pere Noel» على مسرح مدرسة «سابيس ـ المتن»، وُزّعت خلالها هدايا على جميع الأطفال الحاضرين. وافتُتِح أيضاً معرض ضهور الشوير الميلادي برعاية رئيس البلدية في مركز الشوير الثقافي الاجتماعي.
واستمرت احتفالات الميلاد في ضهور الشوير لغاية يوم الأحد الماضي، وعُرضت مسرحية للأطفال عنوانها: «هدية العيد»، إضافة إلى تراتيل ميلادية بمشاركة جوقة «القديس ستيفانس المنشئ البطريركية».
بالقرآن والإنجيل… ضهور الشوير توحّد احتفالات الميلاد
اذا كان الإسلام هو أن يسلّم الإنسان أمره لله، فقد نجحت ضهور الشّوير عين السنديانة في تجسيد مقولة الزعيم أنطون سعاده بأنّ الإسلام رسالتان: مسيحية ومحمّدية. وقد عبّر آخرون عن هذا الجوهر الدّيني الواحد بالقول: «الدين واحد ولكنْ بعدّة رسالات».
رُبَّ سائل: ما الذي يُميّزُ هذه البلدة الأبيّة، المُشبعة بشموخِ صنّين، والمُشعّة بانتاج أبنائها وبناتها وشيبِها وشبابها؟ ما الذي يجعلها منارةً فريدةً ومُغايرة؟ انّها خميرةُ المتنِ المباركة التي لم تُقنعها مزاعم «العيش المشترك»، ولا ادّعاءات الرّصف الاجتماعي. إنّها الروحُ التنويرية التي آمنت بوحدة الحياة ووحدة المصالح ووحدة الكرامة.
تحيّةً لجمعية المبرّات الخيرية الإسلامية التي عانقَ طلابها كنيسة المُخلّص في الشوير، فصدحت حناجرهم بأناشيد الميلاد، وتلمّسوا في المحراب الالهي بقلوبهم قبل ألسنتهم تراتيل الفرح الداخلي بولادة الطفل يسوع في مغارة بيت لحم حيثُ تُنادي كنيسةُ المهد المسجدَ الأقصى، وحيثُ تنسكب روحُ المقاومة من فلسطين الى لبنان، فيشهدُ الشّعبُ الواحد اعتزازه بالمصير الواحد.
إنّ ما حصلَ بالأمس في الشوير وما حصل قبله بسنوات من توحيد لمواقيت الاحتفال بالفصح ليسا بالأمر العادي. انها ظاهرة لم نعهدها في غير الشّوير ولكن عسى أن تُعمَّم بمضمونها قبل شكلها وبروحها العميقة قبل تمظهُراتها. ويبقى للشوّير عبرة المبادرة والرّيادة.